قوله : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ).
قال الحسن : أخبر عن علمه فيهم ، يعنى : ما يفعل ذلك إلّا من قد علم الله منه ذلك ، وهم قليل.
وارتفع (قَلِيلٌ)(١) على البدل من الواو فى (فَعَلُوهُ) ، كقولك : ما أتانى أحد إلّا زيد ، ترفع زيد على البدل من «أحد» ، ومن نصب «إلا قليلا» فإنّه جعل النّفى بمنزلة الإيجاب ؛ وذلك أنّ قولك : «ما جاءنى أحد» كلام تامّ ، كما أنّ «جاءنى القوم» كذلك ، فنصب (مع النّفى) (٢) ، كما نصب مع الإيجاب ؛ من حيث اجتمعا فى أنّ كلّ واحد منهما كلام تامّ (٣).
(وَلَوْ أَنَّهُمْ فَعَلُوا ما يُوعَظُونَ بِهِ) : أى ما يؤمرون به (٤) (لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) فى دينهم وفى الآخرة (وَأَشَدَّ تَثْبِيتاً) : تصديقا بأمر الله.
: أى كان ذلك أشدّ تثبيتا منهم لأنفسهم فى الدّين.
٦٧ ـ (وَإِذاً لَآتَيْناهُمْ) : أى لو فعلوا ((٥) ما وعظوا) به لآتيناهم (مِنْ لَدُنَّا) : ممّا لا يقدر عليه غيرنا (أَجْراً عَظِيماً) وهو الجنّة.
٦٨ ـ (وَلَهَدَيْناهُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً).
قال ابن عبّاس : أرشدناهم إلى دين مستقيم. يريد : دين الحنيفيّة (٦) ، لا دين اليهوديّة.
٦٩ ـ قوله عزوجل : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ ...) الآية.
قال السّدّىّ : إنّ ناسا من الأنصار قالوا : يا رسول الله ، إنّك تسكن الجنّة فى أعلاها ، ونحن نشتاق إليك ، فكيف نصنع؟ فنزلت هذه الآية (٧).
__________________
(١) قال ابن مجاهد : كلّهم قرأ : (ما فَعَلُوهُ إِلَّا قَلِيلٌ مِنْهُمْ) رفعا إلّا ابن عامر فإنه قرأ : ما فعلوه إلا قليلا منهم نصبا ، (السبعة فى القراءات ٢٣٤) وانظر توجيه القراءتين فى (إتحاف الفضلاء ١٩٢) و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٧٠) و (البحر المحيط ٣ : ٢٨٥).
(٢) أ ، ب : «مع النصب» (تحريف).
(٣) حاشية ج : «قوله : كلام تام ؛ احتراز عن المستثنى المفرغ ؛ فإنه لا يجوز فى قوله : إنما جاءنى إلا زيدا النصب ؛ لأنه لم يقع بعد كلام تام ؛ لأن الكلام لا يتم فى هذا المقال إلا فى المستثنى».
(٤) قال المصنف فى (الوجيز ١ : ١٥٨) «: أى ما يؤمرون به من أحكام القرآن».
(٥) أ ، ب : «ما يُوعَظُونَ».
(٦) حاشية ج : «أى الدين المنسوب إلى إبراهيم عليهالسلام فهو دين الحنيفية».
(٧) انظر (الدر المنثور ٢ : ٥٨٩).