وقال الشّعبىّ : جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وهو يبكى ، فقال : وما يبكيك يا فلان؟ فقال : يا رسول الله ، بالله الذى لا إله إلّا هو ، لأنت أحبّ إلىّ من نفسى وأهلى ومالى وولدى ، وإنّى لأذكرك وأنا فى أهلى ، فيأخذنى مثل الجنون حتّى أراك ، وذكرت موتى ، وأنّك ترفع مع النّبيّين ، وأنّى إن دخلت الجنّة كنت فى منزلة أدنى من منزلتك ، فلم يردّ النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ شيئا ؛ فأنزل الله تعالى (هذه) (١) الآية :
(وَمَنْ يُطِعِ اللهَ) : أى فى الفرائض (وَالرَّسُولَ) فى السّنن (فَأُولئِكَ) يعنى : المطيعين (مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ).
: أى أنّه (يستمتع) (٢) برؤية النّبيّين وزيارتهم ، والحضور معهم ، فلا يتوهّمنّ ـ من أجل أنّهم فى أعلى علّيّين ـ أنّه لا يراهم.
وقوله : (وَالصِّدِّيقِينَ) : كلّ من صدّق بكلّ ما أمر الله ـ لا يدخله شكّ ـ ، ((٣) وصدّق) ، الأنبياء : فهو صدّيق (٤) ؛ وهو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ أُولئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ)(٥).
وقال الكلبىّ : «الصّدّيقون» : أفاضل أصحاب النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم (٦) ـ وقال ((٧) مقاتل) : «الصّدّيقون» : أوّل من ((٨) صدّقوا الأنبياء حين عاينوهم (٨)).
وقوله : (وَالشُّهَداءِ) يعنى : القتلى فى سبيل الله.
(وَالصَّالِحِينَ) : هم سائر المسلمين (وَحَسُنَ أُولئِكَ) يعنى : الأنبياء وهؤلاء (رَفِيقاً)(٩) : صاحبا.
__________________
(١) الإثبات عن ج. انظر (أسباب النزول للواحدى ١٥٩) و (الدر المنثور ٢ : ٥٨٨ ـ ٥٨٩) و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٧١ ـ ٢٧٢) و (تفسير القرطبى ٨ : ٥٣٤).
(٢) أ ، ب : «استمع» وهو خطأ ، والمثبت تصويب عن ج ، و (الوجيز للواحدى ١ : ١٥٩).
(٣) ب : «بصدق».
(٤) حاشية ج : «الصّدّيق : مبالغة فى الصدق» وفى (تفسير القرطبى ٥ : ٢٧٢): «والصديق : هو الذى يحقق بفعله ما يقوله بلسانه».
(٥) سورة الحديد : ١٩.
(٦) (الوجيز للواحدى ١ : ١٥٩) و (البحر المحيط ٣ : ٢٨٧) دون عزو.
(٧) الإثبات عن ج.
(٨ ـ ٨) أ ، ب «صدق الأنبياء حين نبئوهم».
(٩) حاشية ج : «يعنى رفقاء فى الجنة ، والعرب تضع الواحد موضع الجماعة ؛ لقوله تعالى : (ثُمَّ يُخْرِجُكُمْ طِفْلاً) [سورة الحج : ٥] : أى أطفالا ، (ويُوَلُّونَ الدُّبُرَ) [سورة القمر : ٤٥] : أى أدبارا».