خالفتم الحقّ ، قال الله تعالى : (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ) قال : فأين الله؟ قلت : الكتاب. قال : فأين الرّسول؟ قلت : السّنّة (١).
والمعنى : فإن تنازعتم فى شىء أنتم وأمراؤكم ، فردّوا الحكم فيما تنازعتم (٢) فيه إلى كتاب الله وسنّة رسوله (٣).
([إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ] ذلِكَ خَيْرٌ).
: أى ردّكم ما اختلفتم فيه إلى الكتاب والسّنّة ، وترككم التّجادل خير.
(وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً).
قال قتادة والسّدّىّ : وأحسن عاقبة (٤). والعاقبة تسمّى تأويلا ، لأنّها مآل الأمر. يقال : إلى هذا مآل الأمر وتأويله : أى عاقبته.
٦٠ ـ قوله جلّ جلاله : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ ...) الآية.
«الزّعم ، والزّعم» ـ لغتان ـ ، وأكثر ما يستعمل «الزّعم» بمعنى : القول فيما لا يتحقّق. يقال : زعم فلان ؛ إذا لم يدر لعلّه كذب أو باطل ؛ ومنه قوله تعالى : (هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ)(٥) : أى بقولهم الكذب.
قال المفسّرون : وقع نزاع بين رجل من اليهود ، ورجل من المنافقين ، فقال اليهودىّ : بينى وبينك أبو القاسم ـ يعنى النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وعلم أنّه لا يقبل الرّشوة ـ ، وقال المنافق : بينى وبينك كعب بن الأشرف ؛ لأنّه علم أنّه يأخذ الرّشوة ؛ فأنزل الله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) يعنى : المنافقين (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ)(٦) يعنى : كعب بن الأشرف. وقال عطاء : حيىّ بن أخطب.
(وَقَدْ أُمِرُوا أَنْ يَكْفُرُوا بِهِ).
__________________
(١) الأثر أخرجه ابن جرير وابن المنذر عن ميمون بن مهران. انظر (الدر المنثور ٢ : ٥٧٩) و (البحر المحيط ٣ : ٢٧٨).
(٢) حاشية ج : «والنزاع : وهو أن يقول كل فريق يقول القول قولى ، وأصله من النزع كأن المتنازعين يتجاذبان ويتمانعان».
(٣) حاشية ج : «فإن لم يوجد فسبيلة الاجتهاد».
(٤) انظر (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٠٤) و (الدر المنثور ٢ : ٥٧٩) و (البحر المحيط ٣ : ٢٧٩) و (الوجيز للواحدى ١ : ١٥٦) و (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ١٣٠).
(٥) سورة الأنعام : ١٣٦.
(٦) انظر (أسباب النزول للواحدى ١٥٤ ، ١٥٥) و (تفسير الطبرى ٨ : ٥٠٩ ـ ٥١١) و (الدر المنثور ٢ : ٥٨٠ ـ ٥٨١) و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٦٤) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٣٠٤ ـ ٣٠٥) و (البحر المحيط ٣ : ٢٧٩) حاشية ج : «المحاكمة : رفع القضية إلى الحاكم».