وقوله : (وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلاً).
وذلك أنّ حييّا وكعبا لقيا قريشا بالموسم ، فقال لهما المشركون : أنحن أهدى طريقا أم محمد وأصحابه؟ فقالا : بل أنتم أهدى سبيلا ، وأقوم طريقة ، وأحسن من الّذين آمنوا دينا ـ وهما يعلمان أنّهما كاذبان ، حملهما على ذلك حسد محمد وأصحابه (١).
قال الزّجّاج : وهذا دليل ((٢) على معاندة (٢)) اليهود ؛ لأنّهم زعموا أنّ المشركين ـ الذين لا يصدّقون بشيء من الكتب ، وعبدوا الأصنام ـ أهدى طريقا من الّذين يوافقونهم على كثير ممّا يصدّقون به. ثم أنزل الله فيهم قوله :
٥٢ ـ (أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ وَمَنْ يَلْعَنِ اللهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً).
: أى ناصرا ينصره ، ومانعا من عذاب الله تعالى.
ثم وصفهم بالبخل فقال :
٥٣ ـ (أَمْ لَهُمْ) ((٣) على معنى : بل ألهم (٣)) (نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ) وهذا استفهام معناه الإنكار : أى ليس لهم ذلك.
وقوله : (فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً).
قال الفراء : هذا جواب لجزاء مضمر ، كأنّك قلت : ولئن كان لهم نصيب ((٤) من الملك (٤)) لا يؤتون النّاس نقيرا إذا.
قال الزّجّاج : وتأويل «إذا» : إن كان الأمر كما جرى ، أو كما ذكرت.
يقول القائل : زيد يصير إليك ، فتقول : إذا أكرمه ؛ أى إن كان الأمر على ما تصف وقع إكرامه.
وقال ابن عبّاس : «النّقير» : نقرة فى ظهر النّواة (٥) منها تنبت النّخلة.
__________________
(١) انظره مفصلا فى (أسباب النزول للواحدى ١٥٠) و (الدر المنثور ٢ : ٥٦٤) و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٤٩).
(٢) أ ، ب : «يحكى».
(٣ ـ ٣) الإثبات عن أ ، ج ، و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٤٩) و (البحر المحيط ٣ : ٢٧٢) فتكون أم منقطعة ومعناها الإضراب عن الأول والاستئناف للثانى».
(٤) الإثبات عن ج.
(٥) (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ١٣٠) بلا نسبة ، وفى (تفسير القرطبى ٥ : ٢٤٩) «النكتة ..» مكان «نقرة» عن ابن عباس وقتادة وغيرهما ، وفى (البحر المحيط ٣ : ٢٧٣) «النقطة ...» وانظر (تفسير القرطبى ٥ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠).