قال الأزهرىّ : وهذه الأشياء كلّها تضرب أمثالا للشّيء التّافه (١) الحقير ((٢) القدر ؛ أى (٢)) لا يظلمون قدرها. قال النّابغة :
يجمع الجيش ذا الألوف ويغزو |
|
ثمّ لا يرزأ العدوّ فتيلا (٣) |
٥٠ ـ قوله جلّ جلاله : (انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ).
هذا تعجيب للنّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ من فريتهم على الله تعالى ، وهو قولهم : يكفّر عنّا ما نعمله.
(وَكَفى بِهِ) : أى كفى هو ، يعنى افتراؤهم (إِثْماً مُبِيناً) وتأويل هذا : تعظيم إثمهم.
٥١ ـ قوله عزوجل : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ)
يعنى : علماء اليهود الذين أعطوا علم أمر النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ).
كلّ معبود (٤) من دون الله فهو جبت وطاغوت.
قال ابن عباس فى رواية عطيّة : «الجبت» : الأصنام ، و (الطَّاغُوتِ) : تراجمة (٥) الأصنام الذين يكونون بين أيديهم ، يعبّرون عنها الكذب ؛ ليضلّوا النّاس.
وقال فى رواية الوالبى : «الجبت» : الكاهن ، و (الطَّاغُوتِ) : السّاحر.
وقال الكلبى «الجبت» فى هذه الآية : حيىّ بن أخطب ، و (الطَّاغُوتِ) : كعب بن الأشرف (٦) ؛ وسمّيا بذلك لإغوائهما النّاس ، ولطاعة اليهود إيّاهما فى معصية الله تعالى.
__________________
(١) حاشية ج : «التافه فى الأصل : الشىء الذى لا طعم له ، والمراد هنا : الشىء الذى لا اعتبار له».
(٢ ـ ٢) أ ، ب : «الذى» والمثبت عن ج. ونقله عن الأزهرى صاحب (اللسان ـ مادة : فتل).
(٣) هذا البيت فى (ديوان النابغة ١٧٠) برواية : «فيغزو» وفى (الأغانى للأصفهانى ١١ : ١٣) برواية الواحدى ، وهو فى (تفسير القرطبى ٥ : ٢٤٨) غير منسوب ، وعزاه صاحب (الدر المنثور ٢ : ٥٦١) إلى نابغة بنى ذبيان وهو برواية : «الأعادى» مكان : «العدو».
(٤) قال أبو عبيدة : كل معبود من حجر أو مدر أو صورة أو شيطان ، فهو جبت وطاغوت (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ١٢٩) و (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ١٢٨) وهو الذى ارتضاه الطبرى (تفسير الطبرى ٨ : ٤٦٥).
(٥) حاشية ج : «المراد بالتراجمة : المترجمون ، وهم الذين يقعدون بقرب الأصنام ، ويضعون آذانهم على الأصنام ، ويقولون : لمن حضرهم من الجهال ـ إن الأصنام يقولون كذا وكذا».
(٦) وهو قول ابن عباس وعكرمة أيضا على ما فى (تفسير الطبرى ٨ : ٤٦٨) و (الدر المنثور ٢ : ٥٦٤) و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٤٨) و (البحر المحيط ٢ : ٢٧٢) و (تفسير ابن كثير ٢ : ٢٩٤).