قال الزّجّاج : وذكر النّقير ـ هاهنا ـ تمثيل ، المعنى : لبخلوا بالقليل.
٥٤ ـ قوله عزوجل : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ ...) الآية.
حسدت اليهود محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على ما آتاه الله من النّبوّة ، فقال الله تعالى : (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ) على معنى : بل ((١) أيحسدون النّاس (١)) ، يعنى : محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ؛ وإنّما جاز أن يقع عليه لفظ النّاس ؛ وهو واحد ، لأنّه اجتمع عنده من خلال الخير ما يكون فى جماعة (٢) ، ومثله : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً)(٣).
وقوله : (عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ).
يعنى النّبوّة ؛ وقد علموا أنّ النّبوّة كانت فى آله ، وهو قوله : (فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ) يعنى : النّبوّة ، يريد ما كان فى (بنى) (٤) إسرائيل من الكتاب والنّبوّة ـ وكانوا من آل إبراهيم ؛ لأنّهم كانوا أولاد إسحاق بن إبراهيم ، ومحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان من ولد إسماعيل بن إبراهيم.
وهذا الذى ذكرنا قول الحسن وابن جريج وقتادة ، واختيار الزّجّاج.
وقوله : (وَآتَيْناهُمْ / مُلْكاً عَظِيماً)(٥).
قال مجاهد : يعنى النّبوّة ؛ لأنّ الملك لمن له الأمر والطّاعة ؛ والأنبياء لهم ((٦) الأمر والطّاعة (٦)).
٥٥ ـ قوله : (فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ).
قال ابن عبّاس والأكثرون : من أهل الكتاب من آمن بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ
__________________
(١ ـ ١) أ ، ب : «يحسدون». قال الطبرى : والوجه أن يقال : أم يحسد هؤلاء اليهود محمدا على النبوة التى فضّله الله بها : وشرّف بها العرب» (تفسير الطبرى ٨ : ٤٧٩).
(٢) حاشية ج : «ما قاله فى شأن محمد عليهالسلام أبلغ مما قاله فى شأن إبراهيم «عليهالسلام» ؛ لأن ما قاله فى شأن محمد يدل على أنه بمثابة جميع الناس ، لأن لفظ الناس قام بجميع الناس ؛ ولفظ الأمة لا يتناول إلّا بعض الناس».
(٣) سورة النحل : ١٢٠.
(٤) الإثبات عن ج.
(٥) حاشية ج. «يعنى ملك داود وسليمان».
(٦ ـ ٦) ج : «الطاعة والأمر». انظر (الدر المنثور ٢ : ٥٦٧) و (البحر المحيط ٣ : ٢٧٣).