لمّا سبا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أهل أوطاس (١) قلنا : يا نبىّ الله ، كيف نقع على نساء قد عرفنا أنسابهنّ وأزواجهنّ؟ ((٢) فأنزل الله (٣)) هذه الآية : (وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ إِلَّا ما مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ)(٤).
وإذا وقع السّباء على الزّوجين الحربيّين ، أو على أحدهما انقطع النّكاح بينهما ، وكان فى سبى أوطاس خلق كثير ، وقع السّبى عليهم مع نسائهم ، ونادى منادى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : «ألا لا توطأ حامل حتى تضع ، ولا حائل حتّى تحيض» (٥).
فأباح وطأهنّ بعد الاستبراء ؛ لانفساخ نكاحهنّ.
وقوله / : (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ).
قال ابن عبّاس : يريد هذا ما حرّم الله عليكم ، يعنى : كتب تحريم ما ذكر من النّساء عليكم.
قوله : (وَأُحِلَّ لَكُمْ ما وَراءَ ذلِكُمْ).
وقرئ : بضمّ الألف (٦) ؛ والفتح أشبه بما قبله ؛ لأنّ معنى (كِتابَ اللهِ عَلَيْكُمْ) : كتب الله عليكم كتابا ، وأحلّ لكم ؛ فبناء الفعل (للفاعل (٧)) ـ هاهنا ـ أحسن.
ومن بنى الفعل للمفعول به ، فقال : (وَأُحِلَّ لَكُمْ) فهو فى المعنى يئول إلى الأوّل ، وفى ذلك مراعاة ما قبله ، وهو قوله : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهاتُكُمْ)(٨).
__________________
(١) «أوطاس : واد فى ديار هوازن فيه كانت وقعة حنين للنبى ـ صلىاللهعليهوسلم ...» (معجم البلدان ١ : ٢٨١).
(٢ ـ ٢) أ ، ب : «فنزلت» والمثبت عن ج.
(٣) الأثر أخرجه مسلم فى (صحيحه ـ كتاب الرضاع ـ باب جواز وطء المسبية بعد الاستبراء ٣ : ٦٣٦) والنسائى فى (سننه ـ كتاب النكاح ـ باب تأويل قوله تعالى : وَالْمُحْصَناتُ مِنَ النِّساءِ ٦ : ١١٠) ، وأبو داود فى (سننه ـ كتاب النكاح ـ باب فى وطء السبايا ٢ : ٢٥٣ ، ٢٥٤ حديث / ٢١٥٥) ، وأخرجه الترمذى فى (صحيحه ـ أبواب التفسير ـ ومن سورة النساء ١١ : ١٤٨ ، ١٤٩) قال الترمذى : حديث حسن. وأخرجه الواحدى فى (أسباب النزول ١٤٢).
(٤) أى : ولا غير ذات حمل حتى تحيض حيضة روى هذا عن أبى سعيد الخدرى ، كما أخرجه أبو داود فى (سننه ـ كتاب النكاح ـ باب فى وطء السبايا ٢ : ٢٥٤ حديث / ٢١٥٧) وانظر (تفسير القرطبى ٥ : ١٢٢).
(٥) الذى قرأ بضم الألف : حفص وحمزة والكسائى ، وكذا أبو جعفر وخلف وافقهم الحسن والمطوعى ؛ و [قرأ] الباقون بالفتح فيهما مبنيا للفاعل. (إتحاف الفضلاء ١٨٨ ـ ١٨٩) وانظر (السبعة فى القراءات ٢٣١) وتوجيه القراءتين فى (تفسير القرطبى ٥ : ١٢٤) و (البحر المحيط ٣ : ٢١٦).
(٦) الإثبات عن ج.
(٧) سورة النساء : ٢٣.