ألا ترى أنّ قولهم : «ذا» قد حذف لامها ؛ وقد حذفت الياء من «اللّذان» و «هذان» وكان حقّهما فى التّثنية «اللّذيان» و «هذيان» ، فجعل التّشديد فيه عوضا من المحذوف عنه فى التّثنية.
وقوله تعالى : (يَأْتِيانِها مِنْكُمْ) يعنى : الفاحشة ، والمعنى يفعلان الزّنى (فَآذُوهُما) يعنى : التّعيير باللّسان والتّوبيخ ، كما ذكرنا (١).
قوله : (فَإِنْ تابا) من الفاحشة (وَأَصْلَحا) العمل فيما بعد (فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) : فاتركوا أذاهما (٢) ؛ وقد ذكرنا حكم هذه الآية فى التى قبلها (٣).
وقوله : (إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً).
معنى «التّوّاب فى صفة الله تعالى» : أنّه يتوب على عبده بفضله ومغفرته إذا تاب إليه من ذنبه.
١٧ ـ قوله عزوجل : (إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللهِ)(٤) : [أى التّوبة التى أوجب الله (بفضله (٥)) على نفسه : (لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهالَةٍ).
قال ابن عبّاس : يريد أنّ ذنب المؤمن من جهل منه (٦).
قال السّدّىّ : كلّ من عصى الله تعالى فهو جاهل (٧).
وقال قتادة : اجتمع أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فرأوا أنّ كلّ شىء عصى الله فيه فهو جهالة ، عمدا كان أو غير ذلك (٨).
قال الزّجّاج : معنى «الجهالة» ـ هاهنا ـ : أنّهم فى اختيارهم اللّذّة الفانية على اللذّة الباقية (جهّال (٩)).
وقوله : (ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ).
__________________
(١) انظره عند تفسير الآية رقم (١٥) ، صفحة (١٧٤) من هذا الجزء.
(٢) وتعييرهما. (تفسير القرطبى ٥ : ٩٠) وانظر (تفسير غريب القرآن لابن قتيبة ١٢٢).
(٣) حاشية ج : «وهذا قبل نزول الحدود فنسخت بالرجم والجلد».
(٤) حاشية ج : «على بمعنى : عند. وقيل : من الله».
(٥) الإثبات عن ج.
(٦) على ما جاء فى (تفسير ابن كثير ٢ : ٢٠٦) و (الدر المنثور ٢ : ٤٥٩) و (تفسير القرطبى ٥ : ٩٢).
(٧) وهو قول مجاهد بزيادة : «حتى ينزع عن معصيته» كما فى (الدر المنثور ٢ : ٤٥٩) وانظر (تفسير ابن كثير ٢ : ٢٠٦) و (تفسير القرطبى ٥ : ٩٢).
(٨) كما فى (الدر المنثور ٢ : ٤٥٩) وفى (تفسير القرطبى ٥ : ٩٢) و (البحر المحيط ٣ : ١٩٨) «أو جهلا» وانظر (تفسير ابن كثير ٢ : ٢٠٦).
(٩) ب : «جهالة». انظر (تفسير القرطبى ٥ : ٩٢) و (البحر المحيط ٣ : ١٩٨).