٤١ ـ قوله عزوجل : (وَآمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ) يعنى : القرآن (مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ :) موافقا للتّوراة فى التّوحيد والنّبوّة.
(وَلا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ.)
قال الفرّاء : أراد أوّل من يكفر به. وقال البصريّون : أراد : أوّل فريق كافر ، أو حزب كافر ، ثم حذف المنعوت وأقيم نعته مقامه (١). والهاء فى «به» يعود إلى «ما» فى قوله تعالى : (بِما أَنْزَلْتُ ؛) وهو القرآن.
والمعنى : ولا تكونوا أوّل كافر بالقرآن من أهل الكتاب ؛ لأن قريشا كفرت قبل اليهود بمكة.
والخطاب لعلماء اليهود ؛ وإذا كفروا بالقرآن كفر أتباعهم (٢) ، فيكونون أئمة فى الضّلالة.
(وَلا تَشْتَرُوا) : ولا تستبدلوا (٣)(بِآياتِي) يعنى : ما فى التّوراة من بيان صفة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ونعته (ثَمَناً قَلِيلاً :) عرضا (٤) يسيرا من الدّنيا ؛ وذلك أن رؤساء اليهود كان لهم مآكل يصيبونها من سفلتهم (٥) وعوامّهم ، فخافوا إن هم بيّنوا صفة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وتابعوه أن تفوتهم (٦) تلك المآكل والرّئاسة ؛ فاختاروا الدّنيا على الآخرة (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ)(٧) : فاخشون فى أمر محمد ، لا ما يفوتكم من الرّئاسة.
__________________
(١) انظر قول الفراء والبصريين فى (تفسير الطبرى ١ : ٥٦٢) و (معانى القرآن للفراء ١ : ٣٢ ـ ٣٣) و (إعراب القرآن المنسوب للزجاج ١ : ٢٠٣).
(٢) أ : «كفروا أتباعهم».
(٣) فى (تفسير البحر المحيط ١ : ١٧٨) «الاشتراء هنا : مجاز به الاستبدال ... ، لأن معنى الاستبدال يكون المنصوب فيه هو الحاصل ، وما دخلت عليه الباء هو الزائل».
(٤) ب : «عوضا» بالواو.
(٥) أ ، ب : «سفهائهم».
(٦) أ : «أن يفوتهم».
(٧) حاشية ج : «الوقاية : حفظ الشىء عما يؤذيه لغة ؛ وشرعا : حفظ النفس عما يؤثمها. وقد تسمى التقوى خوفا وخشية ؛ ويسمى الخوف تقوى».