٤٢ ـ قوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ.)
يقال : لبست الأمر ألبسه لبسا ؛ إذا خلطته وعمّيته ؛ ومنه قوله تعالى : (وَلَلَبَسْنا عَلَيْهِمْ ما يَلْبِسُونَ)(١)
والمعنى : ولا تخلطوا الحقّ الذى أنزلت عليكم من صفة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالباطل الذى تكتبونه بأيديكم : من تغيير صفته ، وتبديل نعته.
قال مقاتل : إنّ اليهود أقرّوا ببعض صفة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وكتموا بعضا ؛ ليصدقوا فى ذلك (٢) ، فقال الله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَ) الذى تقرّون به وتبيّنونه (بِالْباطِلِ)(٣) يعنى : بما تكتمونه ، فالحقّ بيانهم ، والباطل كتمانهم.
وقوله تعالى : (وَتَكْتُمُوا الْحَقَ) هو عطف على المجزوم (٤) فى قوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا) أى : ولا تكتموا الحقّ (وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أنّ محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ نبىّ مرسل ؛ قد أنزل عليهم ذكره فى كتابكم ؛ واليهود جحدوا نبوّة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مع العلم بأنّه نبىّ ، فلم ينفعهم (٥) ذلك العلم ، لأنّ جاحد النّبوّة كافر.
٤٣ ـ قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ.)
(الزَّكاةَ) : تطهير للمال (٦) ، وإصلاح له ، وتثمير ونماء ؛ كلّ ذلك قد قيل. وأصلها من الزّيادة ، يقال : زكا الزّرع يزكو زكاء (٧) ـ ممدود ـ ؛ وكلّ شىء يزداد فهو يزكو زكاء. قال النّابغة.
__________________
(١) سورة الأنعام : ٩. قال ابن عباس : أى : لخلطنا عليهم ما يخلطون. (تفسير الطبرى ١ : ٥٦٧).
(٢) حاشية ج : «أى : فى تكذيب محمد عليهالسلام ؛ لأنهم قالوا : لا نجد صفته عندنا ليصدقوا بذلك».
(٣) الباء فى قوله : «بِالْباطِلِ» للإلصاق ، كقولك : خلطت الماء باللبن ؛ فكأنهم نهوا أن يخلطوا الحق بالباطل ، فلا يتميز الحق من الباطل».
(٤) أى : على النهى. انظر (تفسير الطبرى ١ : ٥٦٩ ـ ٥٧٠) و (معانى القرآن للفراء ١ : ٣٣ ـ ٣٤).
(٥) ب : «لم ينفعهم».
(٦) ب : «تطهير المال».
(٧) حاشية : ج «أى : نما وزاد».