وأراد بقوله : «عَلَيْكُمْ» ، أى : على آبائكم وأسلافكم ؛ وجعلها عليهم ، لأنّ النّعمة على آبائهم نعمة عليهم.
فإن قيل : اليهود أبدا يذكرون هذه النّعم ، فلم ذكّروا ما لم ينسوه؟
قيل : المراد بقوله : (اذْكُرُوا) : اشكروا ؛ وذكر النّعمة : شكرها ؛ وإذا لم يشكروها (١) حقّ شكرها فكأنّهم نسوها ، وإن أكثروا ذكرها.
وقال ابن الأنبارىّ : أراد اذكروا ما أنعمت به عليكم فيما استودعتكم (٢) من علم التّوراة ، وبيّنت لكم من صفة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وألزمتكم من تصديقه ، واتّباعه ، فلمّا بعث ولم يتّبعوه ، كانوا كالنّاسين لهذه النّعمة.
وقوله تعالى : (وَأَوْفُوا بِعَهْدِي)(٣)
يقال : وفيت بالعهد ، وأوفيت به سواء ، أى : أتممته.
قال ابن عباس : هذا العهد : هو أن الله تعالى عهد إليهم فى التّوراة أنّه باعث نبيّا يقال له : محمد ؛ فمن تبعه كان له أجران اثنان ؛ أجر باتّباعه موسى ، وإيمانه بالتّوراة ؛ وأجر باتّباعه (٤) محمدا ـ صلىاللهعليهوسلم ـ وإيمانه بالقرآن ؛ ومن كفر به تكاملت أوزاره ، وكانت النّار جزاءه ؛ فقال الله تعالى : (أَوْفُوا بِعَهْدِي :) فى اتباع محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، (أُوفِ بِعَهْدِكُمْ :) أدخلكم الجنّة (٥).
وقوله تعالى : (وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ) أى : خافون فى نقض العهد (٦) ، لا ما يفوتكم من المآكل (٧) والرّئاسة.
__________________
(١) ب : «وإذا لم يذكروها»
(٢) قال ابن الانبارى : والمعنى فى الآية : اذكروا شكر نعمتى ، فحذف الشكر اكتفاء بذكر النعمة» (تفسير القرطبى ١ : ٣٣١) حاشية ج : «استودع ؛ أى وضع الشىء عند شخص بالأمانة ؛
(٣) حاشية ج : «أى : أتموا عهدكم الذى عاهدتمونى بامتثال أمرى ، والإيمان بمحمد عليهالسلام».
(٤) ب : «وواحد باتباعه».
(٥) (تفسير الطبرى ١ : ٥٥٨ ـ ٥٥٩).
(٦) حاشية ج : «أى : إن كنتم راهبين شيئا فارهبون فى نقض العهد ، فلا تنقضوا عهدى».
(٧) حاشية ج : «جمع المأكلة ، وهى المأكول».