وقال أبو عبيدة : معنى «الآية» : أنّها علامة ، لانقطاع الكلام الذى قبلها ، وانقطاعه من الّذى بعدها (١).
وقال ابن السّكّيت : يقال : خرج القوم بآيتهم ، أى : بجماعتهم لم يدعوا وراءهم شيئا (٢). وعلى هذا القول ، معنى الآية من كتاب الله تعالى : جماعة حروف دالّة على معنى مخصوص (٣).
٤٠ ـ قوله تعالى : (يا بَنِي إِسْرائِيلَ)
يعنى : يا أولاد يعقوب ، و «إسرائيل» : هو يعقوب (٤) ، ولا ينصرف ، لاجتماع العجمة والمعرفة فيه ؛ وكلّ اسم اجتمعتا فيه وزاد على ثلاثة أحرف لم ينصرف عند أحد من النّحويّين.
وقوله تعالى : (اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ)
أراد : نعمى ، فأوقع الواحد (٥) موقع الجماعة ؛ كقوله تعالى : (وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللهِ لا تُحْصُوها)(٦)
وهذه «النّعم» (٧) هى : أنّ الله تعالى فلق لهم البحر ، وأنجاهم من عدوّهم وظلّل عليهم الغمام ، وأنزل عليهم المنّ والسّلوى ـ إلى سائر ما أنعم الله تعالى به عليهم ، وهى مذكورة فى قوله تعالى : (اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ ...)(٨)
__________________
(١) قال أبو عبيدة : «والآية من القرآن : إنما سميت آية لأنها كلام متصل إلى انقطاعه ، وانقطاع معناه قصة ثم قصة» (مجاز القرآن ١ : ٥).
(٢) هذا المعنى نقله ابن منظور فى (اللسان ـ مادة : أيا).
(٣) انظر (معنى الآية) فى (تفسير الطبرى ١ : ١٠٦) و (مفردات الراغب ٣٢ ـ ٣٣).
(٤) هو يعقوب بن اسماعيل بن إبراهيم خليل الرحمن. وكان يعقوب يدعى «إِسْرائِيلَ» بمعنى عبد الله وصفوته من خلقه و «إيل» هو الله ، و «إسرا» هو العبد ، كما قيل : «جبريل» بمعنى عبد الله. (تفسير الطبرى ١ : ٥٥٣).
(٥) أ ، ب : «الوحدة». قال القرطبى : «والنعمة ـ هنا ـ : اسم جنس ، فهى مفردة بمعنى الجمع» (تفسير القرطبى ١ : ٣٣١).
(٦) سورة إبراهيم : ٣٤ ؛ والنحل : ١٨.
(٧) ج : «النعمة» والمثبت عن أ ، ب. حاشية ج : «الإنعام : إيصال الإحسان إلى سواك بشرط أن يكون ناطقا ؛ فلا يقال : أنعم على فرسه».
(٨) سورة المائدة : ٢٠ ؛ وتمامها : (وجعلكم ملوكا وآتاكم ما لم يؤت أحدا من العالمين).