٣٧ ـ قوله تعالى : (فَتَلَقَّى آدَمُ مِنْ رَبِّهِ كَلِماتٍ)
«التّلقّى» ـ هاهنا ـ : معناه : الأخذ والقبول ؛ ومنه الحديث : أنّ رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان يتلقّى الوحى من جبريل ـ عليهالسلام ـ ، أى : يتقبّله ويأخذه (١).
وقال الأصمعىّ : تلقّت الرّحم ماء الفحل ؛ إذا قبلته.
و «الكلمات» : جمع الكلمة ، و «الكلمة» تقع على القليل والكثير ، وتقع على الحرف الواحد من الهجاء.
ومعنى «تلقّى آدم من ربّه الكلمات» : (٢) هو أنّ الله تعالى ألهم آدم حتّى اعترف بذنبه ، وقال : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا ....)(٣) الآية ؛ فهذه الآية هى المعنيّة بالكلمات فى قول الحسن وسعيد بن جبير ومجاهد (٤).
أخبرنا أبو بكر التّميمىّ ، أخبرنا أبو الشيخ الحافظ ، حدّثنا أبو يحيى عبد الرحمن ابن محمد الرازى ، حدّثنا سهل بن عثمان العسكرى ، حدّثنا المحاربىّ ، وعبيدة بن حميد ، عن إبّان ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال / :
لمّا أصاب آدم الخطيئة فزع (٥) إلى كلمة الإخلاص ، فقال : «لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسى ، فاغفر لى وأنت خير الغافرين ، لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسى ، فارحمنى وأنت خير الراحمين ، لا إله إلّا أنت سبحانك وبحمدك ، عملت سوءا وظلمت نفسى ، فتب علىّ إنّك أنت التّواب الرّحيم» (٦).
__________________
(١) فى (تفسير القرطبى ١ : ٣٢٣) و (البحر المحيط ١ : ١٦٠) «أى : يستقبله ويأخذه ويتلقفه».
(٢) أ : «تلقى آدم للكلمات».
(٣) سورة الأعراف : ٢٣ ، وتمام الآية : (وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنا وَتَرْحَمْنا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ).
(٤) (تفسير الطبرى ١ : ٥٤١ ـ ٥٤٦). وبدون عزو فى (الوجيز للواحدى ١ : ١١).
(٥) حاشية ج : «فزع ، اى التجأ إلى كلمة الإخلاص ؛ وهذا تسمية الشىء باعتبار لازمة ، لأن الالتجاء إلى الشىء لازم الفزع».
(٦) وروى هذا بنحوه ، عن مجاهد وغيره انظر (تفسير الطبرى ١ : ٥٤٥).