وروى المنهال بن عمرو ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس ، قال : «الكلمات» هى : إنّ آدم عليهالسلام ، قال : «يا ربّ ألم تخلقنى بيدك؟ قال : بلى. قال : ألم تنفخ فىّ من روحك؟ قال : بلى. قال : ألم تسبق رحمتك لى غضبك؟ قال : بلى. قال : ألم تسكنّى جنّتك؟ قال : بلى. قال : فلم أخرجتنى منها؟ قال : بشوم معصيتك. قال : يا ربّ أرأيت إن تبت وأصلحت أراجعى أنت إلى الجنّة؟ قال : نعم» قال : فهذه الكلمات (١).
وقرأ ابن كثير : «آدم» بالنّصب ، «كلمات» بالرّفع (٢). وذلك أنّ من الأفعال ما يكون إسناده إلى الفاعل ، كإسناده إلى المفعول ، وذلك نحو : أصبت ، ونلت ، ولقيت (٣).
تقول : نالنى خير ، ونلت خيرا ؛ وأصابنى خير ، وأصبت خيرا (٤) ؛ وتقول : لقينى زيد ، ولقيت زيدا ؛ قال الله تعالى : (وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ)(٥) ، وقال : (وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا)(٦) ؛ وإذا كانت معانى هذه الأفعال على ما ذكرنا ؛ فنصب ابن كثير «آدم» ورفعه «الكلمات» فى المعنى ، كقول من رفع (آدَمُ) ونصب «الكلمات» (٧).
وقوله : (فَتابَ عَلَيْهِ.)
__________________
(١) كما رواه ابن جرير ـ بنحوه ـ عن ابن عباس (تفسير الطبرى ١ : ٥٤٢). حاشية ج : «أراجعى من الرجع لا من الرجوع ؛ لأن الأول متعد والثانى لازم ، والمراد هاهنا الأول لا الثانى».
(٢) وافقه ابن محيصن. والباقون : برفع «آدَمُ» ونصب «كَلِماتٍ» بالكسر ؛ إسنادا له إلى آدم ، وإيقاعا له على الكلمات ، أى : أخذها بالقبول ودعا بها» (إتحاف البشر ١٣٤) وانظر (معانى القرآن للفراء ١ : ٢٨) و (تفسير الطبرى ١ : ٥٤٢).
(٣) أ : «وتلقيت».
(٤) أ : «وأصبته خيرا».
(٥) سورة آل عمران : ٤٠.
(٦) سورة مريم : ٨.
(٧) و «القراءتان ترجعان إلى معنى ، لأن آدم إذا تلقى الكلمات فقد تلقته» كما فى (تفسير القرطبى ١ : ٣٢٦) وانظر (معانى القرآن للفراء ١ : ٢٨) و (تفسير الطبرى ١ : ٥٤٢).