وقوله : (مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ)
«الميثاق» : ما وقع به التّوثيق. والكتاب (١) أو الكلام الذى يستوثق به ميثاق.
والكناية فى «الميثاق» يجوز أن تكون عائدة على اسم الله ، أى : من بعد ميثاق الله ذلك العهد بما أكّد من إيجابه عليهم ؛ ويجوز أن تعود على العهد ، أى : من بعد ميثاق العهد وتوكّده (٢).
وقوله تعالى : (وَيَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ)
يعنى الأرحام ؛ وذلك أن قريشا قطعوا رحم النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بالمعاداة معه.
وقيل : هو الإيمان بجميع الكتب والرّسل ؛ وهو نوع من الصّلة ، وهو قول ابن عباس ،
قال : يريد الإيمان بجميع الأنبياء ، من لدن آدم إلى محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، بخلاف قول الكفّار : (نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ)(٣) ؛ فالمؤمنون وصلوا بينهم بالإيمان بجميعهم ، فقالوا : (لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ)(٤)
وقوله : (وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ)
قال ابن عبّاس : يحكمون بغير الحقّ. وقال غيره / : يفسدون فى الأرض بالمعاصى ، وتعويق الناس عن الإيمان بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ. (أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) بفوت المثوبة ، والمصير إلى العقوبة (٥).
__________________
(١) أ : «ما وقع التوثيق به من الكتاب». حاشية ج : «أى : ما حصل التوثيق بسببه».
(٢) كما جاء بنحوه فى (تفسير البحر المحيط ١ : ١٢٨) وذكر ابن جرير الوجه الأول فقط (تفسير الطبرى ١ : ٤١٤).
(٣) سورة النساء : ١٥٠.
(٤) سورة البقرة : ٢٨٥. (تفسير الطبرى ١ : ٤١٦) و (تفسير ابن كثير ١ : ٩٦) و (تفسير القرطبى ١ : ٢٤٧) و (البحر المحيط ١ : ١٢٨).
(٥) كما فى (الوجيز للواحدى ١ : ٨). حاشية ج : «[أى] : المغبونون ؛ لاستبدالهم النقض بالوفاء ، والقطع بالوصل ، والفساد بالصلاح ، وعقابها بالثواب».