وأصل «الخسران» فى التّجارة ؛ وهو النّقصان فى رأس المال. ويقال فيه : «الخسارة والخسر» ؛ هذا هو الأصل ؛ ثم قيل لكلّ صائر إلى مكروه : «خاسر» ، لنقصان حظّه من الخير (١).
٢٨ ـ قوله : (كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللهِ)؟
«كيف» (٢) فى الأصل : سؤال عن الحال ، لأنّ جوابه يكون بالحال ، كما تقول : كيف زيد؟ فيقال : صالح أو سقيم.
قال الزجاج : تأويل «كيف» ـ هاهنا ـ استفهام فى معنى التّعجّب ، والتّعجّب إنّما هو للخلق والمؤمنين ؛ أى اعجبوا من هؤلاء كيف يكفرون بالله! وقد ثبتت حجّة الله عليهم.
ونحو هذا قال الفرّاء : هذا على وجه التّعجّب والتوبيخ ، لا على الاستفهام المحض ؛ أى ويحكم (٣) كيف تكفرون بالله! (٤) وهذا كما يقال : كيف تكفر نعمة فلان ، وقد أحسن إليك وأكرمك!
ومعنى الآية : على أىّ حال يقع منكم الكفر (و) حالكم أنّكم (كُنْتُمْ أَمْواتاً؟)
قال ابن عباس فى رواية الضّحاك ، أراد : وكنتم ترابا ؛ ردّهم إلى أبيهم آدم. وقال فى رواية عطاء والكلبىّ : وكنتم نطفا (٥).
وكلّ ما فارق الجسد من نطفة أو شعر فهو موات.
وقوله : (فَأَحْياكُمْ)(٦) أى : فى الأرحام ؛ بأن جعل فيكم الحياة (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ)
__________________
(١) (اللسان ـ مادة : خسر) وبنحوه فى (تفسير الطبرى ١ : ٤١٧).
(٢) حاشية ج : «ومحل «كيف» نصب ، حال من الضمير فى «تَكْفُرُونَ» و «تَكْفُرُونَ» هو العامل فى الحال ، تقديره : أمعاندين تكفرون».
(٣) حاشية ج : «ويح : كلمة رحمة ، وويل : كلمة عذاب. وقال الترمذى : هما بمعنى واحد. يقال : ويل لزيد ، وويح لزيد ، ترفعهما على الابتداء».
(٤) (معانى القرآن للفراء ١ : ٢٣) و (تفسير الطبرى ١ : ٤٢٧).
(٥) (تفسير الطبرى ١ : ٤١٩) و (معانى القرآن للفراء ١ : ٢٥) و (الشوكانى ١ : ٤٦).
(٦) حاشية ج : «قوله : «فَأَحْياكُمْ» وعقب بالفاء لسرعة انتقال النطفة من الصلب إلى الرحم ؛ ولما كان المقام فى دار الدنيا قد يطول جاء ب «ثُمَّ» التى هى حروف التراخى ، فقال : (ثُمَّ يُمِيتُكُمْ)».