الخروج عن الطاعة. والعرب تقول : «فسقت الرّطبة عن قشرها (١)» ؛ إذا خرجت.
وقال أبو الهيثم : وقد يكون الفسوق شركا ؛ ويكون (٢) إثما ؛ والذى أريد به ـ هاهنا ـ : الكفر (٣).
ثم وصف الله (الْفاسِقِينَ) ، فقال :
٢٧ ـ (الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ)
ومعنى «النّقض» : الهدم وإفساد ما أبرمته (٤) من حبل أو بناء ؛ و «نقيض الشّىء» : ما ينقضه (٥) ، أى : ما يهدمه ويرفع حكمه.
و (عَهْدَ اللهِ) : وصيّته وأمره ؛ يقال : عهد الخليفة إلى فلان كذا وكذا ، أى : أمره وأوصاه به ؛ ومنه قوله تعالى : (أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ)(٦).
وذكر المفسّرون فى «العهد» المذكور فى هذه الآية قولين :
أحدهما : ما أخذه على النّبيّين ، ومن اتّبعهم ؛ ألّا يكفروا بالنّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ؛ وذلك قوله : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ...)(٧) الآية.
والثانى : أن يكون عهد الله الذى أخذه من بنى آدم بوم الميثاق ـ حين قال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى)(٨) ؛ ثم جحدوا ونقضوا ذلك العهد فى حال كمال عقولهم ؛ وهذا قول ابن عبّاس فى رواية عطاء (٩).
__________________
(١) (اللسان ـ مادة : فسق) و (مفردات الراغب ٣٨٠).
(٢) أ : «وقد يكون».
(٣) وفى (تفسير الطبرى ١ : ٤١٠) «فمعنى قوله : (وَما يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفاسِقِينَ) ؛ وما يضل الله بالمثل الذى يضربه لأهل الضلال والنفاق إلا الخارجين عن طاعته ، والتاركين اتباع أمره ، من أهل الكفر به من أهل الإيمان ، وأهل الضلال من أهل النفاق».
(٤) أ ، ب : «ما برمته». حاشية ج : «أى : أحكمته» وكذا (اللسان ـ مادة : برم).
(٥) حاشية ج : «يعنى إنما سمى النقيض نقيضا ، لأنه يهدم النقيض الآخر ، فيكون النقيض فعيلا بمعنى فاعل».
(٦) سورة يس : ٦٠.
(٧) سورة آل عمران : ٨١.
(٨) سورة الأعراف : ١٧٢.
(٩) (تفسير الطبرى ١ : ٤١٠ ـ ٤١١).