(رُزِقُوا) : أطعموا. (مِنْ ثَمَرَةٍ) ، «من» صلة ، أى : ثمرة ؛ ويجوز أن تكون للتّبعيض ؛ لأنّهم إنّما يرزقون بعض ثمار الجنّة.
(قالُوا هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) لتشابه ما يؤتون به ، ولم يريدوا بقولهم : (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) نفس ما أكلوه ؛ ولكن أرادوا : هذا من نوع ما رزقنا من قبل ، كما يقول الرجل لغيره : فلان قد أعدّ لك الطّبيخ والشّواء ، فيقول : هذا طعامى فى منزلى كلّ يوم ؛ يريد هذا الجنس (١).
قال الزجاج : وضمّ «قبل» لأنها غاية (٢) كان يدخلها بحقّ الإعراب : الفتح والكسر (٣) ؛ فلمّا عدلت عن بابها (٤) بنيت على ما لم يكن يدخلها بحقّ الإعراب ؛ وعدلها أنّ أصلها الإضافة فجعلت مفردة (٥) تنبئ عن الإضافة ، هذا كلامه (٦).
ومعناه : أنّ «قبل» لا يستعمل إلّا مضافا ؛ وله إعرابان عند الإضافة ؛ الفتح والكسر ، نحو «قبلك» ، و «من قبلك» ، فلمّا استعمل منفردا (٧) من غير إضافة ـ والمعنى إرادة الإضافة ـ بنى على ما لم يكن يدخلها بحقّ الإعراب ؛ وهو الضمّ ؛ ومن هذا قول الله تعالى : (لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ)(٨) ، تأويله : من قبل كلّ شىء ومن بعد كلّ شىء (٩).
ومعنى (هذَا الَّذِي رُزِقْنا مِنْ قَبْلُ) أى : من قبل هذا الزمان ، ومن قبل هذا الوقت.
وقوله : (وَأُتُوا بِهِ) أى : أتى المؤمنون بذلك الرزق (مُتَشابِهاً) : يشبه بعضه
__________________
(١) انظر بيان هذا فى (تفسير الطبرى ١ : ٣٨٨ ـ ٣٨٩).
(٢) حاشية ج : «أى : رفع قبل على التعدية».
(٣) حاشية ج : «على تقدير عدم الإضافة».
(٤) ب : «عن غاياتها ؛». حاشية ج : «أى : باب الإضافة ـ أى : فلما قطعت عن الإضافة».
(٥) ب : «منفردة». حاشية ج : «أى : فلما استعمل غير مضاف مرادا به الإضافة بنى على حركة لم يكن لها حال الإعراب».
(٦) أى : كلام الزجاج ...
(٧) أ : «مفردا».
(٨) سورة الروم : ٤٠.
(٩) ب : «ومن بعده ومعناها ..»