قوله تعالى : (وذروا ما بقى من الرّبا إن كنتم مؤمنين) (١) ؛ وقوله : (وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ)(٢). قال الأعشى.
وسمعت حلفتها الّتى حلفت |
|
إن كان سمعك غير ذى وقر (٣) |
وقوله تعالى : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ.)
«السّورة» (٤) : عرق من عروق الحائط ، وتجمع : سورا وسور. وكلّ منزلة رفيعة فهى سورة ، مأخوذة من سورة البناء ؛ ومنه قول النّابغة :
ألم تر أنّ الله أعطاك سورة |
|
ترى كلّ ملك دونها يتذبذب (٥) |
وهذا قول (٦) أبى عبيدة وابن الأعرابىّ فى تفسير (٧) «السّورة» : فكلّ سورة من سور القرآن (٨) بمنزلة درجة رفيعة ، ومنزل عال يرتفع القارئ منها إلى منزلة أخرى إلى أن يستكمل القرآن.
وقال أبو الهيثم : السّورة من سور القرآن عندنا : قطعة (٩) من القرآن. وخصّ ذلك القدر بتسميته سورة ، لأنّه أقلّ قطعة وقع به التحدّى (١٠).
وعلى هذا القول ؛ هى مأخوذة من سؤر الشّراب ؛ وهى بقيّته وقطعة منه ؛ إلّا أنّها لما كثرت فى الكلام ترك فيها الهمز.
فإن قيل : ما الفائدة فى تفصيل القرآن على السّور؟
__________________
(١) سورة البقرة : ٢٧٨.
(٢) سورة آل عمران : ١٣٩.
(٣) حاشية ج : «قوله : إن كان ، أى : إذ كان. والوقر ـ بالفتح ـ : الثقل فى الأذن».
(٤) انظر معنى «السورة» لغة واصطلاحا فى (البرهان للزركشى ١ : ١٦٣) وما بعدها.
(٥) البيت فى (ديوان النابغة ٥٧) و (تفسير الطبرى ١ : ١٠٥) وبحاشيته : «يتذبذب : يضطرب ويتحرك ويحار. والذبذبة : تردد الشىء المعلق فى الهواء يمنة ويسرة. يقول : أعطاك الله من المنزلة الرفيعة ، ما لو رامه ملك وتسامى إليه ، بقى معلقا دونها حائرا يضطرب ويتردد ، لا يطيق أن يبلغها».
(٦) ب : «وهذا تفسير قول».
(٧) ب : «فى معنى» أى فى بيان.
(٨) أ ، ب : «فكل سورة فى القرآن». انظر (مجار القرآن لأبى عبيدة ١ : ٤).
(٩) حاشية ج : «السورة : قطعة من القرآن معلومة الأول والآخر ، وأقلها ثلاث آيات. من الكواشى».
(١٠) ب : «أقل من قطعة». حاشية ج : «التحدى : الامتحان والتعارض على سبيل عجز المعارض».