قيل : فيه فوائد كثيرة (١) ـ منها : أنّ القارئ إذا خرج من سورة إلى سورة أخرى كان أنشط لقراءته وأجلى فى نفسه.
ومنها : أن تختصّ كلّ سورة بقدر مخصوص كاختصاص القصائد.
ومنها : أنّ الإنسان قد يضعف عن حفظ الجميع فيحفظ سورة تامّة ، فربّما كان ذلك سببا يدعوه إلى حفظ غيرها.
قال المفسّرون ـ ومعنى الآية (٢) ـ : أنّ الله تعالى لمّا احتجّ عليهم فى إثبات توحيده ، احتجّ عليهم ـ أيضا ـ فى إثبات نبوّة محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بما قطع عذرهم ؛ فقال : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا [عَلى عَبْدِنا]) أى : فى شكّ من صدق هذا الكتاب الذى أنزلناه على محمد ، وقلتم : لا ندرى هل هو من عند الله أم لا؟ «قال» (٣) : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ) أى : من مثل القرآن (٤) ؛ كقوله : (فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ)(٥) ؛ وقوله : (فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ)(٦) ، وقوله : (لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ)(٧). كلّ ذلك يريد به مثل القرآن.
فالمعنى : فأتوا بسورة مثل ما أتى به محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى الإعجاز وحسن النّظم ، والإخبار عمّا كان وعمّا يكون ، دون تعلّم الكتب ، ودراسة الأخبار (٨).
ويجوز أن تعود الكناية فى (مِثْلِهِ) إلى قوله : (عَلى عَبْدِنا) وهو النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم.
والمعنى : فأتوا بسورة (مِنْ مِثْلِهِ)(٩) : من رجل أمّى لا يحسن الخطّ والكتابة ، ولم يدرس الكتب.
__________________
(١) ب : «فوائد جمة».
(٢) أى : «التى نحن فيها ـ وهى : (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ ...) الآية».
(٣) الزيادة عن أ ، ب.
(٤) روى هذا المعنى عن قتادة ومجاهد ، كما فى (تفسير الطبرى ١ : ٣٧٤).
(٥) سورة الطور : ٣٤.
(٦) سورة يونس : ٣٨.
(٧) سورة الإسراء : ٨٨.
(٨) أ ، ب : «وما يكون .. دون تعلمه الكتب ودراسته الأخبار».
(٩) الزيادة عن أ ، ب.