لاهتدائهم إلى الطّريق بضوء البرق ؛ كذلك المنافقون كلّما قرئ عليهم شىء من القرآن مما يحبّون صدّقوا (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ) الطّريق (قامُوا) أى : وقفوا ؛ كذلك المنافقون كلّما سمعوا شيئا مما يكرهون وينكرون وقفوا عن تصديقه. وتمّ التمثيل هاهنا.
ثم أوعدهم فقال : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ).
أى : لو شاء الله لأصمّهم وأعماهم ، فذهب بأسماعهم (١) وأبصارهم الظّاهرة ، حتى يصيروا صمّا عميا ، كما ذهب بأسماعهم وأبصارهم الباطنة.
(إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
أى : إنّه ذو قدرة على إيقاع ما أوعدهم به ، فليحذروا (٢) عاجل عقوبة الله وآجله.
٢١ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ ...) «الآية» (٣).
(يا أَيُّهَا النَّاسُ) عموم فى كلّ مكلّف من مؤمن وكافر.
ويروى عن الحسن وعلقمة : أنّ (يا أَيُّهَا النَّاسُ) : خطاب لأهل (٤) مكّة ، و (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) : خطاب لأهل (٥) المدينة.
ومعنى (اعْبُدُوا رَبَّكُمُ) : اخضعوا له بالطاعة ؛ ولا يجوز ذلك إلّا لمالك الأعيان (٦)
قوله تعالى : ([الَّذِي] خَلَقَكُمْ [وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ]).
«الخلق» : إبداع شىء (٧) لم يسبق إليه ؛ وكلّ شىء خلقه الله فهو مبتدعه (٨) أوّلا على غير مثال سبق إليه.
__________________
(١) ب : «بِسَمْعِهِمْ».
(٢) ب : «فليجدوا» وهو خطأ.
(٣) الزيادة عن أ ، ب.
(٤) أ ، ب : «أهل ..» وانظر معرفة المكى والمدنى فى (البرهان فى علوم القرآن ١ : ١٨٧) وما بعدها ، و (الإتقان ١٠ ـ ١٤).
(٥) أ ، ب : «أهل ..» وانظر معرفة المكى والمدنى فى (البرهان فى علوم القرآن ١ : ١٨٧) وما بعدها ، و (الإتقان ١٠ ـ ١٤).
(٦) حاشية ج : «أى : لا يجوز ذلك الخضوع إلا لله تعالى».
(٧) ب : «إبداع لشىء».
(٨) أ ، ب : «فهو مبتدئه».