قال الزجاج : إنّما نصب (حَذَرَ) لأنّه فى تأويل المصدر ، كأنّه قيل : يحذرون حذرا ؛ لأنّ جعل الأصابع فى الآذان يدلّ على الحذر.
وقوله تعالى : (وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ)
قال مجاهد : جامعهم يوم القيامة (١). يقال : أحاط بكذا ؛ إذا لم يشذّ منه شىء ، كقوله تعالى : (أَحاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً)(٢) أى لم يشذّ عن علمه شىء.
وجاء فى التفسير : والله مهلكهم (٣). يقال : أحيط بفلان ؛ إذا دنا هلاكه ، فهو محاط به.
قال الله تعالى : (وأحيط بثمره) (٤) أى : أصابه ما أهلكه وأفسده ؛ وقوله تعالى : (إلّا أن يحاط بكم) (٥) أى : تهلكوا جميعا.
٢٠ ـ وقوله : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ)
«كاد» موضوع عند العرب لمقاربة الفعل. وكدت أفعل ، معناه عند العرب : قاربت الفعل ولم أفعل ؛ وما كدت أفعل ، معناه : فعلت بعد إبطاء.
و «الخطف» : أخذ باستلاب ، يقال : خطف يخطف خطفا ؛ ومنه الخطّاف (٦).
وهذه الآية من تمام التّمثيل ؛ والمعنى : يكاد ما فى القرآن من الحجج النّيّرة يخطف قلوبهم من شدّة إزعاجها (٧) إلى النّظر فى أمر دينهم (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ) البرق (مَشَوْا فِيهِ) :
__________________
(١) فى جهنم ، كما فى (تفسير الطبرى ١ : ٣٥٦).
(٢) سورة الطلاق : ١٢.
(٣) (الوجيز للواحدى ١ : ٦) وبنحوه فى (تفسير الطبرى ١ : ٣٥٦).
(٤) سورة الكهف : ٤٢.
(٥) سورة يوسف : ٦٦.
(٦) وهو الطائر الذى كأنه يخطف شيئا فى طيرانه ؛ ولما يخرج به الدلو كأنه يختطفه ، وجمعه : خطاطيف ، وللحديدة التى تدور عليها البكرة ، كما فى (مفردات الراغب ١٥٠) وانظر (تفسير الطبرى ١ : ٢٥٧).
(٧) حاشية ج : «يعنى : من شدة جذبها لقلوبهم إلى النظر».