وبما بعده ، لأنّ ما قبله (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللهِ) وهذا كذب منهم ، وبعده قوله : (وَإِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا إِلى شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ). وهذا يدلّ على كذبهم فى دعوى الإيمان.
وقال ابن عباس : (بِما كانُوا يَكْذِبُونَ) يعنى : تكذيب الأنبياء ، قال : ومن خفّفها فالمراد أنهم يتكلّمون بما يعلم الله خلافه فى قلوبهم ، كقوله تعالى : (يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ)(١).
١١ ، ١٢ ـ قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ)
موضع (إِذا) من الإعراب نصب ، لأنّه اسم للوقت (٢) ، كأنّك قلت : وحين قيل لهم ، أو ويوم قيل لهم.
(قِيلَ) كان فى الأصل «قول» فنقلت كسرة الواو إلى القاف ، فسكنت «الواو» وانكسر ما قبلها ، فصارت «ياء». والكسائىّ يشمّ «قيل» وأخواته (٣) الضّمّ ، ليدلّ بذلك على أنّه كان فى الأصل «فعل».
ومعنى الآية : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ) يعنى : لهؤلاء المنافقين : (لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ) بالكفر وتعويق النّاس عن الإيمان بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ (قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ)(٤) يظهرون هذا القول كذبا ونفاقا ؛ كما أنّهم قالوا آمنّا وهم كاذبون.
فردّ الله عليهم قولهم : (نَحْنُ مُصْلِحُونَ) فقال : (أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ)
قال الزجاج : (أَلا) (٥) كلمة يبتدأ بها ينبّه بها المخاطب يدلّ على صحّة ما بعدها. و (إِنَّهُمْ) تأكيد للكلام.
__________________
(١) سورة آل عمران : ١٦٧.
(٢) وفاقا للرياشى والزجاج ، لا ظرف مكان خلافا للمبرد والظاهر مذهب سيبويه ، ولا حرفا خلافا للكوفيين ؛ وإذا كانت حرفا فهى لما تيقن أو رجح وجوده» (تفسير البحر المحيط ١ : ٦٠).
(٣) «مثل» جىء وغيض وحيل وسيق وسيئ وسيئت» (تفسير البحر المحيط ١ : ٦١).
(٤) أى الذى نحن عليه هو صلاح عند أنفسنا. (الوجيز للواحدى ١ : ٥).
(٥) حاشية ج : «أدخل همزة الاستفهام على «لا» التى للنفى فأفادت تلك الهمزة التنبيه وتحقيق ما بعدها ..»