والمعنى : هم المفسدون أنفسهم بالكفر ، والنّاس بالتّعويق عن الإيمان.
(وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ :) لا يعلمون أنهم مفسدون ، لأنّهم يظنّون أنّ الذى هم عليه من إبطان الكفر صلاح.
و (لكِنْ) معناها : استدراك بإيجاب بعد نفى ، أو نفى بعد إيجاب (١) ، كالتى فى هذه الآية ؛ لأنّه إذا قيل : (هُمُ الْمُفْسِدُونَ) سبق إلى الوهم أنّهم يفعلون ذلك من حيث يشعرون ، فقال : (وَلكِنْ لا يَشْعُرُونَ) فاستدرك بالنّفى بعد الإيجاب.
١٣ ـ قوله تعالى : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ ...) الآية.
قال جميع المفسّرين : المراد ب (النَّاسُ) فى هذه الآية : أصحاب محمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، والذين آمنوا معه (٢).
والمعنى : وإذا قيل لهؤلاء المنافقين آمنوا بمحمد ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كما آمن. به أصحابه. قال ابن عباس : يريد المهاجرين والأنصار (٣).
(قالُوا أَنُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ)
«الألف» فى (أَنُؤْمِنُ) استفهام معناه : الجحد والإنكار ، أى : لا نفعل كما فعلوا. و (السُّفَهاءُ) : الجهّال الذين قلّت عقولهم ؛ جمع «السّفيه» ، ومصدره «السّفه ، والسّفاهة ، والسّفاه».
قال / أهل اللغة : معنى «السّفه» : الخفّة ، و «السّفيه» : الخفيف العقل (٤) ، ولهذا المعنى سمّى الله تعالى الصّبيان والنّساء : «سفهاء» (٥) فى قوله : (وَلا تُؤْتُوا السُّفَهاءَ
__________________
(١) انظر معنى «لكِنْ» فى (البرهان فى علوم القرآن ٤ : ٣٨٩).
(٢) (تفسير الطبرى ١ : ٢٩٢).
(٣) نقله القرطبى فى (تفسيره ١ : ٢٠٥) بدون عزو ، وذكر صاحب (البحر المحيط ١ : ٦٧) أقوالا أخرى فى معنى ذلك ـ ثم قال : «والأولى أن يراد به من سبق إيمانه قبل قول ذلك لهم».
(٤) (اللسان ـ مادة : سفه) وقال ابن جرير : الجاهل الضعيف الرأى ، القليل المعرفة بمواضع المنافع والمضار» (تفسير الطبرى ١ : ٢٩٣).
(٥) ج ، أ : «السُّفَهاءُ» والمثبت عن ب و (تفسير الطبرى ١ : ٢٩٣).