وهذا قول مجاهد والسّدّى وسعيد بن جبير وعكرمة.
وقوله : (وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ)
«السّآمة» : الملال والضّجر. يقال : سئمت الشّىء أسأمه [سأما وسأمة](١) وسآما وسآمة.
يقول : لا يمنعكم الضّجر والملالة أن تكتبوا ما شهدتم عليه من الحقّ صغر أو كبر (٢) ، قلّ أو كثر [إلى أجل الحقّ](٣).
(ذلِكُمْ) أى : الكتاب (أَقْسَطُ)(٤) «أى» : أعدل (عِنْدَ اللهِ) [فى حكمه] ؛ لأنّ الله أمر به ، واتّباع أمره أعدل من تركه (وَأَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ)(٥) أى : وأبلغ فى الاستقامة ؛ لأنّ الكتاب يذكّر الشّهود فتكون شهادتهم أقوم ، من أن لو شهدوا على ظنّ ومخيلة ، (وَأَدْنى أَلَّا تَرْتابُوا) أى أقرب إلى ألّا تشكّوا فى مبلغ الحقّ والأجل.
وقوله : (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ)(٦)
أى : إلّا أن تقع تجارة حاضرة (فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلَّا تَكْتُبُوها) [أى] : فلا جناح فى ترك الإشهاد والكتابة فيه ؛ لأنّ ما يخاف فى النّساء والتّأجيل يؤمن فى البيع يدا بيد.
وقرأ عاصم (تِجارَةً حاضِرَةً) بالنّصب (٧) ؛ على تقدير : إلّا أن تكون التّجارة تجارة حاضرة ؛ فأضمر الاسم لدلالة الخبر عليه ، ومثله ما أنشد الفرّاء :
__________________
(١) ما بين الحاصرتين إضافة عن (اللسان ـ مادة : سأم).
(٢) أ ، ب : «صَغِيراً أَوْ كَبِيراً».
(٣) ما بين الحاصرتين إضافة عن قول المصنف ، كما فى (الوجيز للواحدى ١ : ٨٥).
(٤) الإثبات عن أ ، ب.
(٥) الإثبات عن أ ، ب.
(٦) جاء فى الأصل المخطوط برفع قوله تعالى : «تِجارَةً حاضِرَةً» وانظر توجيه القراءتين فى (معانى القرآن للفراء ١ : ١٨٥) و (تفسير الكشاف ١ : ٢٨٩) و (البحر المحيط ٢ : ٣٥٣) و (تفسير القرطبى ٣ : ٤٠١) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٨٨).
(٧) كما فى (إتحاف البشر ١٦٦) و (البحر المحيط ٢ : ٣٥٣) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٨٨) و (تفسير القرطبى ٣ : ٤٠١).