على مكّة ـ فكتب فى ذلك إلى النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فنزلت : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا) إلى قوله : (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) ؛ فكتب بها النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إلى عتّاب ففعلوا (١).
ومعنى الآية : تحريم ما بقى دينا من الرّبا ، وإيجاب أخذ رأس المال دون الزّيادة على جهة الرّبا.
وقوله : (إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) معناه : أنّ من كان مؤمنا فهذا حكمه ؛ كما تقول : إن كنت أخى فأكرمنى. معناه : أنّ من كان أخا أكرم أخاه.
قال الزّجاج : أعلم الله تعالى أنّ من كان مؤمنا قبل عن الله تعالى أمره ، ومن أبى فهو حرب ، أى : كافر.
٢٧٩ ـ وقال : (فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا) أى : فإن لم تذروا ما بقى من الرّبا (فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ) يقال : أذن بالشّىء ؛ إذا علم به ، يأذن أذنا وأذانة.
قال أبو عبيدة : يقال : آذنته بالشّىء فأذن به (٢) ؛ أى : علم.
والمعنى : فإن لم تضعوا الرّبا الذى قد أمر الله بوضعه عن النّاس ؛ فاعلموا بحرب من الله ورسوله ؛ وهى القتل فى الدّنيا ، والنّار فى الآخرة ، أى : فأيقنوا أنّكم تستحقّون القتل والعقوبة بمخالفة أمر الله ورسوله.
وقرأ حمزة وعاصم ـ فى بعض الرّوايات ـ : (فآذنوا) ممدودا (٣) ، أى : فأعلموا من قوله : (فَقُلْ آذَنْتُكُمْ عَلى سَواءٍ)(٤).
__________________
(١) قارن هذا بما جاء فى (أسباب النزول للواحدى ٨٧) و (تفسير الطبرى ٦ : ٣٦) و (تفسير ابن كثير ١ : ٤٨٩) و (تفسير القرطبى ٣ : ٣٦٣).
(٢) انظر (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٨٣) و (اللسان ـ مادة : أذن).
(٣) وقرأ الباقون بوصل الهمزة وفتح الذال ، انظر (إتحاف البشر ١٦٥) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٧٧).
(٤) سورة الأنبياء : ١٠٩.