النعل (١) ؛ ومعناه على هذا (٢) : يعملون عمل المخادع ، ليس أنّ خداعهم (٣) يخفى على الله تعالى.
وقال الحسن : (يُخادِعُونَ اللهَ) أى : نبيّه ، لأنّ الله تعالى بعث نبيّه بدينه ، فمن أطاعه فقد أطاع الله ، كما قال الله تعالى : (مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللهَ)(٤)
وقال : (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللهَ)(٥) ؛ وإذا خادعوا النبىّ فقد خادعوا الله ـ عزوجل ـ (٦).
وقوله تعالى : (وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ)(٧)
قرئ بوجهين : فمن قرأ بالألف قال : هو من المفاعلة» التى تقع من الواحد ، كقوله : (يُخادِعُونَ اللهَ) فلمّا وقع الاتّفاق على الألف فى قوله : (يُخادِعُونَ اللهَ) أجرى الثّانى على الأوّل طلبا للتشاكل.
ومن قرأ : (يخدعون) قال : إنّ فعل أولى بفعل الواحد من فاعل الذى هو فى أكثر الأمر يكون لفاعلين.
ومعنى قوله : (وَما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ :) هو أنّهم طلبوا الخداع فلم يخدعوا الله ولا المؤمنين وما خدعوا إلّا أنفسهم ؛ لأنّ وبال خداعهم عاد عليهم (٨) ، لأنّ الله تعالى يطلع نبيّه ـ صلىاللهعليهوسلم ـ على أسرارهم ونفاقهم ، فيفتضحون (٩) فى الدّنيا ، ويستوجبون العقاب فى العقبى.
__________________
(١) «طارق بين النعلين ، أى خصف أحدهما فوق الآخر» (اللسان ـ مادة : طرق).
(٢) حاشية ج : «أى : أن المفاعلة من جانب الواحد».
(٣) ب : «خادعهم».
(٤) سورة النساء : ٨٠.
(٥) سورة الفتح : ١٠.
(٦) تفسير الطبرى ١ : ١٩٥) ونقل عن الزجاج فى (تفسير البحر المحيط ١ : ٥٦٠).
(٧) فى الأصل المخطوط : «وما يخادعون» بالألف ؛ وهى قراءة نافع وابن كثير وأبى عمرو ـ وما أثبت دون ألف حسب الرسم العثمانى للمصحف ـ وهى قراءة الباقين ، وأولى بالصواب عند الطبرى. (إتحاف البشر ١٢٨) و (تفسير الطبرى ١ : ٢٧٧) و (البحر المحيط ١ : ٥٧).
(٨) ب : «عائد عليهم».
(٩) «فضحه وافتضح : إذا انكشفت مساوئه» (اللسان ـ مادة : فضح).