واختاره أبو عبيد ، وقال : هى لغة النّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فى قوله لعمرو بن العاص «نعمّا بالمال الصّالح للرّجل الصّالح» هكذا روى فى الحديث بسكون العين (١).
وجمهور المفسّرين على أنّ المراد ب (الصَّدَقاتِ) فى هذه الآية : التطوع لا الفرض ؛ لأنّ الفرض إظهاره أفضل من كتمانه ، والتّطوّع كتمانه أفضل ؛ وهو قوله : (وَإِنْ تُخْفُوها وَتُؤْتُوهَا الْفُقَراءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)
قال ابن عباس فى رواية الوالبىّ : جعل الله صدقة السرّ فى التطوّع تفضل علانيتها يقال بسبعين ضعفا ، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرّها / بخمسة وعشرين ضعفا (٢) ؛ وكذلك جميع الفرائض والنّوافل فى الأشياء كلها. وقال قتادة : كلّ مقبول إذا كانت النيّة صالحة ، وصدقة السرّ أفضل.
وقوله : (وَيُكَفِّرُ عَنْكُمْ مِنْ سَيِّئاتِكُمْ)
«التّكفير» معناه : التّغطية والسّتر. يقال : كفّر عن يمينه ، أى : ستر ذنب الحنث بما بذل من الصدقة ؛ و «الكفارة» : السّاترة لما حصل من الذّنب. وقرئ : (ونكفّر) بالجزم (٣) عطفا على قوله : (فَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ) ، وهو فى موضع الجزم ؛ لأنه جواب الشّرط.
وقال عطاء عن ابن عباس : فى قوله : (مِنْ سَيِّئاتِكُمْ) «من» هاهنا : صلة للكلام (٤) ،
__________________
(١) حاشية ج : «وكسر النون». كما فى (تفسير الفخر الرازى ٢ : ٣٦٢) و (اللسان ـ مادة : نعم) و (البحر المحيط ٢ : ٣٦٢).
(٢) على ما جاء فى (تفسير الكشاف ١ : ٢٨٥) و (وتفسير القرطبى ٣ : ٣٣٢) و (تفسير ابن كثير ١ : ٤٧٨).
(٣) وهذه قراءة حمزة ونافع والكسائى ؛ وقرأ ابن كثير وأبو عاصم ـ فى رواية أبى بكر «نكفر» بالنون ورفع الراء .. وقرأ ابن عامر وحفص عن عاصم «يكفر» بالياء وكسر الفاء ورفع الراء .. ونقل صاحب الكشاف قراءة رابعة «وتكفر» بالتاء مرفوعا ومجزوما .. ، وقراءة خامسة وهى قراءة الحسن بالتاء والنصب بإضمار أن ، ..» انظر (تفسير الفخر الرازى ٢ : ٣٦٥) و (تفسير الكشاف ١ : ٢٨٥) و (إتحاف البشر ١٦٥) و (تفسير القرطبى ٣ : ٣٣٥)
(٤) أى : زائد فى الكلام. انظر (الوجيز للواحدى ١ : ٧٩).