(أَوْ نَذَرْتُمْ مِنْ نَذْرٍ) يعنى : تطوّعتم بصدقة.
و «النّذر» : ما يلتزمه (١) الإنسان لله بإيجابه على نفسه. وكلّ ما نوى الإنسان أن يتطوّع به فهو نذر.
وقوله : (فَإِنَّ اللهَ يَعْلَمُهُ) أى : يجازى به ، فدلّ بذكر العلم على تحقيق الجزاء ؛ وعادت الكناية فى قوله : (يَعْلَمُهُ) إلى «ما» فى قوله : (وَما أَنْفَقْتُمْ) لأنّها اسم.
وقوله : (وَما لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصارٍ) وعيد لمن أنفق فى غير الوجه الّذى يجوز له ؛ من رياء ، أو معصية ، أو من مال مغصوب مأخوذ من غير وجهه.
و «الأنصار» جمع : نصير بمعنى ناصر. يعنى : لا أحد ينصرهم من عذاب الله.
٢٧١ ـ قوله : (إِنْ تُبْدُوا الصَّدَقاتِ)
قال ابن عباس : نزلت لمّا سألوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فقالوا : صدقة السّرّ أفضل ، أم صدقة العلانية؟ (٢)
قوله : (فَنِعِمَّا هِيَ) أى : فنعم شيئا إبداؤها. وقراءة العامّة : «فنعمّا» ـ بفتح النّون وكسر العين (٣) ؛ لأنّ أصل «نعم» : نعم ، كما قال طرفة (٤) :
نعم السّاعون فى الأمر المبرّ
وقرأ نافع : (فَنِعِمَّا) ـ بكسر النّون والعين ـ أتبع العين النّون فى الكسرة ؛ حذارا (٥) من الجمع بين ساكنين (٦). وقرأ أبو عمرو (٧) ـ بكسر النّون وجزم العين ؛
__________________
(١) ب : «ما يلزمه».
(٢) على ما فى (أسباب النزول للواحدى ٨٢) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٦١ ـ ٣٦٢) و (الوجيز للواحدى ١ : ٧٩)
(٣) هذه قراءة ابن عامر وحمزة الكسائى وخلف ، وافقهم الأعمش. انظر (إتحاف البشر ١٦٥) و (تفسير القرطبى ٣ : ٣٣٤) و (البحر المحيط ٢ : ٣٢٤) و (اللسان ـ مادة : نعم) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٦٢).
(٤) صدر هذا البيت ، كما فى (اللسان ـ مادة : نعم) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٦٢) و (الخزانة ٤ : ١٠١) و (تفسير القرطبى ٣ : ٣٣٥).
ما أقلت قدماى إنهم
(٥) ب : «فرارا».
(٦) وبهذا قرأ أبو عمرو فى رواية ورش ، وعاصم فى رواية حفص ، وابن كثير ، كما فى (تفسير القرطبى ٣ : ٣٣٤) و (إتحاف البشر ١٦٥).
(٧) وكذا نافع فى غير رواية ورش ، وعاصم فى رواية أبى بكر والمفضل. انظر (تفسير القرطبى ٣ : ٣٣٤) و (اتحاف البشر : ١٦٥) و (الفخر الرازى ٢ : ٣٦٢).