لأجد فى نفسى منها شيئا ؛ فالتفت إليه عمر ، فقال : لم تحقّر نفسك؟ تحوّل هاهنا ـ فقام فأجلسه. فقال :
هذا مثل ضربه الله ، فقال / أيودّ أحدكم أن يكون عمره كلّه لله يعمل بعمل أهل الخير (١) ، وعمل أهل السّعادة ، حتى إذا كان أحوج ما يكون إلى أن يختم عمله بخير ـ حين فنى عمره ، واقترب أجله ـ عمل بعمل أهل الشّقاوة (٢) ، وعمل أهل النّار ، فختم به عمله ، فأفسد ذلك عمله كلّه ؛ كما لو كان لأحدكم جنّة من نخيل وأعناب تجرى من تحتها الأنهار ، فأتتها نار فأحرقتها ؛ فهذا مثل ضربه الله لهذا (٣).
(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ) [كمثل بيان هذه الأقاصيص يبيّن الله (لَكُمُ الْآياتِ) فى أمر توحيده](٤)(لَعَلَّكُمْ تَتَفَكَّرُونَ)
٢٦٧ ـ قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ)
قال مجاهد : يعنى التّجارة. والمعنى : (أَنْفِقُوا) أى : أدّوا الزكاة (ما كَسَبْتُمْ) بالتّجارة والصّناعة من الذّهب والفضّة. (وَمِمَّا أَخْرَجْنا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) يعنى : الحبوب ممّا تجب فيه (٥) الزكاة. (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ)
«التيمّم» : القصد والتعمّد. يقال : أمّمته ، وتيمّمته ويمّمته ، أى : قصدته (٦).
قال المفسّرون : كانوا يتصدّقون بشرار ثمارهم ، ورذالة أموالهم ؛ فأنزل الله تعالى : (وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ) يقول : لا تقصدوا إلى الرّديء من أموالكم فتنفقونه فى سبيل الله.
__________________
(١) ب : «يعمل أهل الجنة أهل الخير».
(٢) أ ، ب : «أهل الشقاء».
(٣) هذا المعنى أخرجه البخارى ـ بنحوه ـ فى (صحيحه ، كتاب التفسير ، باب قوله : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ) إلى قوله : (تَتَفَكَّرُونَ) ٣ : ١٠٨).
(٤) ما بين الحاصرتين زيادة عن (الوجيز للواحدى ١ : ٧٨).
(٥) ب : «مما تجب فيها».
(٦) انظر (اللسان ـ مادة : أمم).