قال قتادة : هذا مثل ضربه الله تعالى لعمل المؤمن ، يقول : ليس لخيره خلف ، كما ليس لخير هذه الجنّة خلف على أىّ حال ، إن أصابها وابل وإن أصابها طلّ (١).
(وَاللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)
٢٦٦ ـ قوله تعالى : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ ...)(٢) الآية.
قال مجاهد : هذا مثل المفرّط (٣) فى طاعة الله المشتغل بملاذّ الدّنيا ، يحصل فى الآخرة على الحسرة العظمى.
وقال ابن عباس : هذا مثل للذى يختم عمله بفساد ، وكان يعمل عملا صالحا ، فمثله كمثل رجل كانت له جنّة (فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ ، وَأَصابَهُ الْكِبَرُ) وضعف عن الكسب ، وله أطفال صغار لا ينفعونه ؛ وهو قوله : (وَلَهُ ذُرِّيَّةٌ ضُعَفاءُ فَأَصابَها إِعْصارٌ :) وهو ريح ترتفع وتستدير نحو السّماء كأنّها عمود (٤)(فِيهِ نارٌ فَاحْتَرَقَتْ) جنّته ؛ أحوج ما كان إليها عند كبر سنّه (٥) ، وضعف الحيلة ، وكثرة العيال ، وطفولة الولد ، فبقى هو وأولاده عجزة متحيّرين ، لا يقدرون على حيلة ، كذلك يبطل الله عمل المنافق والمرائى ـ حين لا توبة لهما ، ولا إقالة من ذنوبهما (٦).
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الحارثىّ ، أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر ، حدّثنا أبو يحيى الرازىّ ، حدّثنا سهل بن عثمان ، حدّثنا علىّ بن مسهر ، عن عبد الملك ، عن عطاء ، قال :
قال عمر بن الخطاب : ما وجدت أحدا يشفينى من هذه الآية : (أَيَوَدُّ أَحَدُكُمْ أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ ...) إلى آخر الآية ؛ وابن عباس خلفه. فقال له ابن عباس : إنّى
__________________
(١) ب : «طلل».
(٢) تمام الآية : (أَنْ تَكُونَ لَهُ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنابٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ لَهُ فِيها ..).
(٣) ب : «مثل للمفرط». أى : المقصر. (اللسان ـ مادة : فرط).
(٤) وهى التى يقال لها : «الزوبعة». انظر (تفسير الكشاف ١ : ٢٨٤) و (اللسان ـ مادة : عصر) و (تفسير الطبرى ٥ : ٥٥١) و (مجمع الأمثال ١ : ٣٠٠).
(٥) أ ، ب : «عند كبر السن».
(٦) حاشية ج : «أى : لا رجوع ولا مغيث لهما».