قال الحسن : كان إبراهيم موقنا بأنّ الله ـ عزوجل ـ يحيى الموتى ، ولكن لا يكون الخبر عند ابن آدم كالعيان (١).
وقال سعيد بن جبير : (لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي) : لازداد (٢) إيمانا.
(قالَ) الله تعالى (فَخُذْ أَرْبَعَةً مِنَ الطَّيْرِ) قال ابن عباس : أخذ طاوسا ونسرا وديكا وغرابا (٣). (فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ) قال أكثر أهل اللّغة والتفسير : أملهنّ إليك ، أى : وجههنّ إليك. يقال : صرته أصوره ؛ إذا أملته (٤).
وقال : ابن عبّاس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد : قطّعهنّ (٥). يقال : صار الشّىء يصوره صورا ؛ إذا قطّعه.
وقرأ حمزة : بكسر الصاد (٦). قال الأخفش : يقال : صاره يصيره ، إذا قطّعه.
وتقدير الآية : خذ إليك أربعة من الطّير فصرهنّ.
(ثُمَّ اجْعَلْ عَلى كُلِّ جَبَلٍ مِنْهُنَّ جُزْءاً.)
قال المفسّرون : أمره الله تعالى أن يذبح تلك الطّيور ، وينتف ريشها ، ويقطّعها ، ويفرّق أجزاءها ، ويخلط ريشها ودماءها ، ولحومها بعضها ببعض ، ثم يجزئهنّ أربعة أجزاء على أربعة أجبل ، ففعل ذلك إبراهيم ، وأمسك رءوسهن عنده ؛ ثم دعاهنّ : تعالين بإذن الله ، فجعلت أجزاء الطيّور يطير بعضها إلى بعض ، ثم أتينه سعيا (٧) على أرجلهنّ ، وتلقّى كلّ طائر رأسه ؛ فذلك قوله : (ثُمَّ ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْياً وَاعْلَمْ
__________________
(١) ج : «كالمعاينة» والمثبت عن أ ، ب وقول الحسن ، كما فى (الدر المنثور ١ : ٣٣٥).
(٢) أ ، ب : «ليزداد». فى (تفسير القرطبى ٣ : ٣٠٠) و (البحر المحيط ٢ : ٢٢٩).
(٣) كما فى (تنوير المقباس ١ : ١٣٤) و (الوجيز للواحدى ١ : ٧٦) و (تفسير القرطبى ٣ : ٣٠٠) ، و (الفخر الرازى ٢ : ٣٤٤).
(٤) كما فى (اللسان ـ مادة : صير) و (معانى القرآن للفراء ١ : ١٧٤).
(٥) على ما جاء فى (تفسير الطبرى ٥ : ٤٩٥ ـ ٤٩٦) و (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٨٠) و (البحر المحيط ٢ : ٣٠٠).
(٦) وكذا أبو جعفر ورويس ، وافقهم الأعمش. والباقون بالضم. انظر (إتحاف البشر ١٦٣) و (الدانى ٨٢).
(٧) حاشية ح : «السعى : العدو والإسراع. وقيل : المشى. وقيل : السعى بمعنى الطيران».