ثم أوصى بالتّقوى ، فقال : (وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ) أى : فلا يترك (١) جزاء شىء من أعمالكم ، لأنّه بصير بها.
٢٣٤ ـ قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ)
أى : يموتون ويقبضون. ومعى «التّوفّى» : أخذ الشّىء وافيا ، يقال توفّى الشىء واستوفاه.
(وَيَذَرُونَ :) يتركون (٢) ، ولا يستعمل منه الماضى ولا المصدر. ومثله ـ أيضا ـ يدع فى رفض مصدره وماضيه (٣).
وقوله : (أَزْواجاً) أى : نساء (يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَ) أى : ينتظرن ويحبسن أنفسهنّ عن التّزوّج (٤)(أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) ومعنى الآية : بيان عدّة المتوفّى عنها زوجها ، وأنها تعتدّ من حين وفاة الزّوج أربعة أشهر وعشرا. وذكرت العشر بلفظ التأنيث والمراد بها الأيّام : تغليبا للّيالى على الأيّام (٥) ؛ وذلك أنّ ابتداء الشّهر يكون بالليل.
قال ابن السّكّيت : يقولون صمنا خمسا من الشّهر ، فيغلبون الليالى على الأيّام ، لأنّ ليلة كلّ يوم قبله.
وهذه الآية ناسخة لقوله : (مَتاعاً إِلَى الْحَوْلِ)(٦).
أخبرنا أبو القاسم السّرّاج ؛ حدّثنا محمد بن يعقوب المعقلىّ ، حدّثنا أبو العبّاس
__________________
(١) أ : «ولا يترك».
(٢) أ : «أى : بتركون».
(٣) «قال الليث : العرب قد أماتت المصدر من يذر ، والفعل الماضى .. وحكم يذر فى التصريف حكم يدع» :
(اللسان ـ مادة : وذر).
(٤) أ ، ب : «عن التزويج».
(٥) حاشية ج : «لأن ما يعتبر فى العدة اليوم لا الليل ، حتى لو مات الزوج فى الليل تحتسب مدة العدة من أول النهار الذى يلى ذلك اليوم».
(٦) سورة البقرة : ٢٤٠. انظر (تفسير القرطبى ٣ : ١٧٤) و (البحر المحيط ٢ : ٢٢٤) و (الفخر الرازى ٢ : ٢٧٨) و (تفسير ابن كثير ١ : ٤٢١).