* هنيئا مريئا غير داء مخامر* (١)
وهى كلّ شراب مسكر مغطّ للعقل ، سواء كان عصيرا أو نقيعا (٢) ، مطبوخا كان أو نيّا. و (الْمَيْسِرِ :) القمار. والياسر واليسر : المقامر ، وتجمع اليسر : أيسارا (٣)
وقوله : (قُلْ فِيهِما إِثْمٌ كَبِيرٌ) أراد : الإثم بسببهما ؛ [لما فيهما](٤) من المخاصمة والمشاتمة وقول الفحش والزّور ، وزوال العقل ، والمنع من الصّلاة ؛ والقمار يورث العداوة ؛ بأن يصيّر مال الإنسان إلى غيره بغير جزاء يأخذ عليه.
وقراءة العامة : (كبير) ـ بالباء ، لأنّ الذّنب يوصف بالكبر والعظم ، يدلّ على ذلك قوله تعالى : (كَبائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَواحِشَ)(٥) و (كَبائِرَ ما تُنْهَوْنَ عَنْهُ)(٦) ، كذلك هاهنا ـ ينبغى أن يكون بالباء ؛ ألا ترى أنّ شرب الخمر والميسر من الكبيرة.
وقرأ حمزة والكسائىّ ـ بالثاء (٧) ـ ؛ لأنّه قد جاء فيهما ما يقوّى وصف الإثم فيهما بالكثرة دون الكبر ، وهو قوله : (إِنَّما يُرِيدُ الشَّيْطانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاةِ)(٨). فذكر عددا من الذّنوب فيهما ، ولأنّ النّبى صلىاللهعليهوسلم لعن عشرة فى سبب الخمر (٩) ؛ فدلّ على كثرة الإثم فيهما.
__________________
(١) تمام هذا البيت كما فى (حاشية ج) و (تفسير القرطبى ٥ : ٢٧) :
لعزة من أعراضنا ما استحلت
(٢) حاشية ج : «النقع : شراب يتخذ من زبيب ينقع فى الماء من غير طبخ».
(٣) (اللسان ـ مادة : يسر) «وقال الجوهرى : الياسر : اللاعب بالقداح».
(٤) ما بين الحاصرتين من (الوجيز للواحدى ١ : ٥٨).
(٥) سورة النجم : ٣٢.
(٦) سورة النساء : ٣١.
(٧) «المثلثة ؛ ـ والكثرة باعتبار الآثمين من الشاربين والمقامرين ـ وافقهما الأعمش ؛ وقرأ الباقون بالموحدة ، ...» (إتحاف البشر ١٥٧).
(٨) سورة المائدة : ٩١.
(٩) أى : لعن عشرة أشخاص من الذين لهم مدخل فى شرب الخمر : هم بائعها ومبتاعها والمشتراة له ، وعاصرها والمعصورة له ، وساقيها وشاربها ، وحاملها والمحمولة له ، وآكل ثمنها. (البحر المحيط ٢ : ١٥٨) و (تفسير القرطبى ٣ : ٦٠).