وقوله : (قُلْ ما أَنْفَقْتُمْ مِنْ خَيْرٍ فَلِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ)(١) إلى قوله : (وَما تَفْعَلُوا.)
قال ابن الأنبارىّ : إن عمرو بن الجموح سأل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن الصّدقة أين يخصّ بها عند الموت؟ فأنزل الله هذه الآية ؛ فلمّا نزلت آية المواريث نسخت من هذه الآية التّصدّق على الوالدين.
ويقال : إنّ الإنفاق / فى هذه الآية لا يراد به الصدقة عند الموت إنّما يراد به النّفع فى الدّنيا (٢) ، والإيثار بما يتقرّب (٣) به الإنسان إلى الله تعالى ، فأخبر الله تعالى أنّ من قصد ذلك ينبغى له أن يبرّ بذلك المذكورين (٤) فى هذه الآية.
وعلى هذا الآية محكمة لم ينسخ منها شىء ، وهذا معنى قول مقاتل بن حيّان (٥).
وقال كثير من أهل التفسير : هذا كان قبل فرض الزّكاة ، فلمّا فرضت الزّكاة فى الآية التى فى البراءة (٦) نسخت الزّكاة هذه الآية (٧).
وقوله : (وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيمٌ) أى : أنّه يحصيه ويجازى عليه.
٢١٦ ـ قوله تعالى : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتالُ)
قال عطاء : يعنى بهذا : أصحاب رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ «خاصّة» (٨) ، لأنّ القتال مع النّبى ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كان فريضة ، وما كان يجوز القعود عنه إذا خرج
__________________
(١) تمام هذا النص القرآنى ـ قوله تعالى : (وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ).
(٢) حاشية ج : «أى : على الوالدين».
(٣) أ : «لما يتقرب».
(٤) حاشية ج : «أى : الوالدين والأقربين».
(٥) فى (تفسير ابن كثير ١ : ٣٦٧) قال مقاتل : هذه الآية فى نفقة التطوع. وكذا الحسن وابن جريج ، كما فى (تفسير الكشاف ١ : ٣٦٠) و (تفسير القرطبى ٣ : ٣٧) و (البحر المحيط ٢ : ١٤١).
(٦) الآية ٦٠ وتسمى سورة التوبة ؛ وهو قوله تعالى : (إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِنَ اللهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ).
(٧) كما قال السدى (تفسير الكشاف ١ : ٢٦٠) وانظر (تفسير القرطبى ٣ : ٣٧) و (البحر المحيط ٢ : ١٤١)
(٨) الإثبات عن أ.