لجهاد عدوّ (١). والإجماع اليوم على أنّه من فروض الكفاية.
وقوله : (وَهُوَ) أى : القتال (كُرْهٌ لَكُمْ) قال الفراء «الكره» : المشقّة. قمت على كره ، أى : على مشقّة. و «الكره» ـ بفتح الكاف ـ : الإجبار (٢). يقال : أقامنى على كره : إذا أكرهك عليه ، ولهذا المعنى ـ لم يقرأ ـ هاهنا ـ كره ـ بالفتح ـ كما قرئ فى سائر المواضع بالضمّ والفتح (٣) ؛ لأنّ المشقّة هاهنا أليق من الإجبار ـ وهذا الكره من حيث المشقّة الداخلة على النّفس وعلى المال من المؤنة ، لا أنّهم كانوا يكرهون فرض الله.
وقوله : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ)
لأنّ فى الغزو إحدى الحسنيين إمّا الظفر والغنيمة وإمّا الشّهادة والجنّة ، (وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً) يعنى القعود عن الغزو (وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ) لما فيه من الذّلّ والفقر وحرمان الغنيمة والأجر.
وقال ابن عباس : كنت ردف النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فقال : «يا ابن عباس ، أرض عن الله بما قدّر وإن كان خلاف هواك ، إنّه لمثبت فى كتاب الله ـ عزوجل». فقلت : يا رسول الله ، أين وقد قرأت القرآن فقال : (وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ)(٤).
وقوله : (وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ)
أى : يعلم ما فيه مصالحكم ومنافعكم ، فبادروا إلى ما يأمركم به وإن شقّ عليكم.
__________________
(١) على ما فى (تفسير القرطبى ٣ : ٣٧) و (البحر المحيط ٢ : ١٤٣) وهو قول ابن عمر (الفخر الرازى ٢ : ٢٢٠).
(٢) (اللسان ـ مادة : كره) و (البحر المحيط ٢ : ١٣٤) و (تفسير القرطبى ٣ : ٣٨ ـ ٣٩).
(٣) اختلف القراء فى قراءة قوله تعالى : «كَرْهاً» * فى سورة النساء ، والتوبة ، والأحقاف ؛ فحمزة والكسائى وكذا خلف بضم الكاف فيهن ؛ وقرأ ابن ذكوان وعاصم ويعقوب كذلك فى الأحقاف ؛ .. وقرأ الباقون بالفتح. (إتحاف البشر ١٨٨).
(٤) هذا الحديث أخرجه ابن حرير عن ابن عباس ، بلفظ «فإنه مثبت» (الدر المنثور ١ : ٢٤٤).