فهم لا يريدون غيرها ؛ كقوله : (فَأَعْرِضْ عَنْ مَنْ تَوَلَّى عَنْ ذِكْرِنا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَياةَ الدُّنْيا)(١).
وإنّما قيل : (زُيِّنَ) على التّذكير ، لأنّ الحياة مصدر ، فذهب إلى تذكير المصدر كقوله : (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ)(٢) هذا قول الفراء (٣). وقال الزّجاج : تأنيث (الْحَياةُ) ليس بحقيقىّ ، لأنّ معنى الحياة والبقاء والعيش واحد (٤).
قوله : (وَيَسْخَرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا) أى : يسخرون من فقراء المسلمين ويعيّرونهم بالفقر (وَالَّذِينَ اتَّقَوْا) الشّرك ؛ وهم هؤلاء الفقراء (فَوْقَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) لأنّهم فى الجنّة وهى عالية / ، والكافرين فى النّار ، وهى هاوية. (وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) قال ابن عباس : يريد أنّ أموال «بنى» (٥) قريظة والنّضير تصير إليهم بغير حساب ، ولا قتال [بل](٦) بأسهل شىء وأيسره (٧).
وقال مقاتل : (يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ) حين بسط للكافرين ، وقتر (٨) على المؤمنين. (بِغَيْرِ حِسابٍ) يعنى : ليس فوقه من يحاسبه ، فهو الملك يعطى من يشاء بغير حساب. وهذا معنى قول الحسن لأنّه قال : (وَاللهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشاءُ بِغَيْرِ حِسابٍ) لا يسأل عمّا يفعل.
٢١٣ ـ قوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً)
قال ابن عباس : يعنى على عهد إبراهيم كانوا كفّارا كلّهم (٩). وقال الحسن وعطاء :
__________________
(١) سورة النجم : ٢٩.
(٢) سورة البقرة : ٢٧٥.
(٣) (معانى القرآن للفراء ١ : ١٢٥) و (تفسير الفخر الرازى ٢ : ٢٠٨)
(٤) كما نقله (الفخر الرازى ٢ : ١٠٨).
(٥) الإثبات عن أ.
(٦) ما بين الحاصرتين إضافة عن (الوجيز للواحدى ١ : ٥٥).
(٧) كما فى (الوجيز للواحدى ١ : ٥٥) و (البحر المحيط ٢ : ١٣١).
(٨) أى : ضيق الرزق. (اللسان ـ مادة : قتر).
(٩) على ما جاء فى (تفسير القرطبى ٣ : ٣١) و (الوجيز للواحدى ١ : ٥٥) و (الدر المنثور ١ : ٢٤٢)