بَعْدِ ما جاءَتْكُمُ الْبَيِّناتُ) يعنى : القرآن ومواعظه (فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ عَزِيزٌ) فى انتقامه لا تعجزونه (حَكِيمٌ) فيما شرع لكم من دينه.
٢١٠ ـ قوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ ...) الآية.
«هل» ـ هاهنا ـ : استفهام يراد به النّفى والإنكار ، كما يقال : هل يفعل هذا إلّا مائق (١) ، أى : ما يفعل. و (يَنْظُرُونَ) بمعنى : ينتظرون. يقال : نظرته وانتظرته ، ومنه قوله تعالى : (انْظُرُونا نَقْتَبِسْ مِنْ نُورِكُمْ)(٢) ؛ وقوله : (فَناظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ)(٣).
والمعنى : ما ينتظر التّاركون الدّخول فى السلّم والمتّبعون خطوات الشّيطان إلّا العذاب يوم القيامة. يريد : أنّه لا ثواب لهم فلا ينتظرون إلّا العذاب ؛ وهو قوله : (إِلَّا أَنْ يَأْتِيَهُمُ اللهُ) أى : يأتيهم عذاب الله ، أو أمر (٤) الله ، فحذف المضاف ، ومثل هذا قوله : (فَأَتاهُمُ اللهُ مِنْ حَيْثُ لَمْ يَحْتَسِبُوا)(٥) أى : عذاب الله.
وقوله : (فِي ظُلَلٍ مِنَ الْغَمامِ) «الظّلل» : جمع ظلّة. مثل : حلّة وحلل ؛ وهى ما يستظلّ به من الشمس. ويسمّى السّحاب ظلّة ، لأنّه يستظل بها ؛ ومنه قوله : (عَذابُ يَوْمِ الظُّلَّةِ)(٦) أراد : غيما تحته سموم. والمعنى : أن العذاب يأتى فيها ويكون أهول (٧).
وقوله : (وَالْمَلائِكَةُ)(٨) يعنى : الذين وكّلوا بتعذيبهم (وَقُضِيَ الْأَمْرُ) أى :
__________________
(١) أى : أحمق. (اللسان ـ مادة : موق).
(٢) سورة الحديد : ١٣.
(٣) سورة النمل : ٣٥.
(٤) أ : «وأمر الله».
(٥) سورة الحشر : ٢.
(٦) سورة الشعراء : ١٨٩.
(٧) أ : «أهون» وهو تحريف.
(٨) ج : «وَالْمَلائِكَةُ.» بالخفض ؛ وهى قراءة أبى جعفر عطفا على «الْغَمامِ» أى : مع الملائكة. وقرأ الباقون بالرفع ـ على معنى : إلا أن يأتيهم الله والملائكة ..» انظر (إتحاف البشر ١٥٦).