فى حجّهما تضييع شىء ممّا حدّه الله وأمر به (١) ، حتى لا يظنّ أنّ من تعجّل أو تأخّر خرج عن الآثام دون أن يتّقى. ([وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ]).
٢٠٤ ـ قوله عزوجل : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا).
نزلت هذه الآية واللتان بعدهما فى الأخنس بن شريق (٢) ، وكان حلو الكلام حلو المنظر ، يأتى رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيجالسه ويظهر الإسلام ، ويخبره أنّه يحبّه ، وكان يعجب النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ كلامه (٣).
قوله : (وَيُشْهِدُ اللهَ عَلى ما فِي قَلْبِهِ).
كان يقول للنّبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ : والله إنّى (٤) بك مؤمن ، ولك محب ؛ ويشهده على أنّه مضمر ما يقول ، وهو كاذب فى ذلك. (وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصامِ.)
«الألدّ» : الشّديد الخصومة (٥). يقال : «لددت فأنت تلدّ لددا ولدادة». و (الْخِصامِ) مصدر كالمخاصمة. قال ابن عبّاس : يريد أنّه يدع الحقّ ويخاصم فى الباطل (٦).
٢٠٥ ـ قوله : (وَإِذا تَوَلَّى) أى : أعرض وأدبر. ([سَعى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيها وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ]) وذلك أنّه انصرف من بدر ببنى زهرة راجعا إلى مكّة ؛ وكان بينه وبين ثقيف خصومة ، فبيّتهم ليلا ، وأهلك مواشيهم ، وأحرق زرعهم (٧).
وقال السدىّ : مرّ بزرع للمسلمين وحمر ، فأحرق الزّرع ، وعقر الحمر. وقال الضّحاك ومجاهد : (تَوَلَّى) بمعنى إذا صار واليا (٨). ومعناه : إذا ولى سلطانا جار. وأراد
__________________
(١) أ : «مما أمر الله به وحده».
(٢) بشين مفتوحة وراء مكسورة وقاف فى آخره ـ رجل من ثقيف. انظر (عمدة القوى والضعيف ـ الورقة / ٩.
(٣) على ما فى (تفسير الطبرى ٤ : ٢٢٩) و (أسباب النزول للواحدى ٥٨) و (الوجيز للواحدى ١ : ٥٣) و (تفسير ابن كثير ١ : ٣٥٩).
(٤) أ : «إنى لك».
(٥) انظر (مجاز القرآن لأبى عبيدة ١ : ٧١) و (اللسان ـ مادة : لدد) و (مختصر من تفسير الطبرى ١ : ٦٣).
(٦) كما جاء فى (الدر المنثور ١ : ٣٣٩).
(٧) أ : «زروعهم».
(٨) كما فى (الدر المنثور ١ : ٢٣٩) و (تفسير الكشاف ١ : ٢٥٨) و (الفخر الرازى ٢ : ١٩٦) و (البحر المحيط ٢ : ١١٥).