كقوله : (دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ)(١) ، وهى ثلاثة أيّام بعد النّحر ، أوّلها : يوم القرّ ؛ وهو اليوم الحادى عشر من ذى الحجّة يستقرّ الناس فيه بمنى ؛ والثّانى : يوم النّفر الأوّل (٢) ؛ لأن بعض النّاس ينفرون فى هذا اليوم من منى ؛ والثّالث : يوم الثّالث عشر ؛ وهو يوم النّفر الثانى. وهذه الأيّام الثلاثة مع يوم النّحر كلّها أيام النّحر وأيّام رمى الجمار ، وهذه الأيّام الأربعة مع يوم عرفة : أيّام التكبير أدبار الصلوات (٣) ، يبتدأ مع الصّبح يوم عرفة ويختم (٤) مع العصر يوم الثّالث عشر.
والمراد ب «الذّكر» فى هذه الأيّام : التّكبير أدبار الصّلوات ؛ وعند الجمرات يكبّر مع كلّ حصاة (٥).
أخبرنا محمد بن محمد بن منصور ، أخبرنا علىّ بن عمر بن مهدىّ ، حدّثنا عثمان ابن السّماك ، حدّثنا أبو قلابة ، حدّثنا نائل بن نجيح ، عن عمرو بن شهيب ، عن أبى جعفر وعبد الرحمن بن سابط ، عن جابر بن عبد الله قال :
كان رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ إذا صلّى الصّبح من غداة عرفة ، يقبل على أصحابه فيقول : «على مكانكم» ويقول : «الله أكبر الله أكبر الله أكبر لا إله إلّا الله ، والله أكبر الله أكبر ، ولله الحمد» ؛ ويكبّر من غداة عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيّام التّشريق (٦).
وقوله : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ) قال ابن عباس : يقول : من نفر من منى فى يومين بعد النّحر (٧)(فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ) فلا حرج. يعنى : من تأخّر عن النّفر إلى اليوم الثّالث حتّى نفر فيه (فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) فى تأخّره.
وقوله : (لِمَنِ اتَّقى) أى : طرح المأثم (٨) عن المتعجل والمتأخّر يكون إذا اتّقيا
__________________
(١) سورة يوسف : ٢٠
(٢) هو اليوم الثانى من أيام التشريق «النهاية».
(٣) كما نقله (الفخر الرازى ٢ : ١٩١) عن الواحدى.
(٤) أ : «وكبر مع العصر».
(٥) على ما فى (تفسير القرطبى ٣ : ٤) و (البحر المحيط ٢ : ١١٠) و (الفخر الرازى ٢ : ١٩١).
(٦) هذا الحديث أخرجه ابن أبى الدنيا عن جابر ـ بنحوه ـ كما فى (الدر المنثور ١ : ٣٣١ ـ ٣٣٢).
(٧) كما فى (الوجيز للواحدى ١ : ٥٣) و (تفسير القرطبى ٣ : ١٣) و (الفخر الرازى ٢ : ١٩٢).
(٨) أ : «المآثم».