الكتاب لا ريب ولا شكّ ، كأنّك قلت : ذلك الكتاب حقّا ؛ لأنّ «لا شكّ» بمعنى : حقّا ، ثم قيل بعد : (فِيهِ هُدىً.)
٣ ـ قوله تعالى : (الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ)
قال الزّجاج : موضع (الَّذِينَ) خفض نعتا (لِلْمُتَّقِينَ). ومعنى (يُؤْمِنُونَ) : يصدّقون قال الأزهرىّ : اتفق العلماء أنّ «الإيمان» معناه : التّصديق ، كقوله : (وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا)(١) أى : بمصدّق.
ومعنى «التّصديق» : هو اعتقاد السّامع صدق المخبر فيما يخبر ، فمن صدّق الله تعالى فيما أخبر به فى كتابه ، وصدّق الرسول ـ صلىاللهعليهوسلم ـ فيما أخبر معتقدا بالقلب تصديقهما فهو مؤمن.
وأنشد ابن الأنبارىّ ـ على أنّ «آمن» معناه : صدّق ـ قول الشّاعر (٢) :
ومن قبل آمنّا وقد كان قومنا |
|
يصلّون للأوثان قبل محمّدا |
معناه : من قبل آمنّا محمدا ؛ أى صدّقنا محمدا (٣).
و «الغيب» : ما غاب ، وهو مصدر غاب يغيب غيبا. وكلّ ما غاب عنك فلم تشهده فهو غيب ؛ قال الله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ)(٤)
والعرب تسمّى «المكان المنخفض من الأرض» : الغيب ؛ لأنّه غائب عن الأبصار.
والمراد ب (الغيب) المذكور ـ هاهنا ـ : ما غاب علمه عن الحسّ والضرورة مما يدرك بالدّليل.
__________________
(١) سورة يوسف : ١٧.
(٢) هو أبو سفيان بن الحرث. والبيت جاء برواية : «وبالغيب آمنا ...» (الدر المنثور ١ : ٢٥) فى (اللسان ـ مادة : أمن) و (وتفسير القرطبى ١ : ١٦٤) غير منسوب.
(٣) كما نقله صاحب (اللسان ـ مادة : أمن).
(٤) سورة الأنعام : ٧٣ ؛ والتوبة : ٩٤ ؛ ١٠٥ ، والرعد : ٩ ؛ والمؤمنون : ٩٢ ؛ والسجدة : ٦٠ ؛ والزمر : ٤٦ والحشر : ٢٢ ؛ والجمعة : ٨ ؛ والتغابن : ١٨.