٢٠٠ ـ قوله : (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ).
أى : أدّيتم وفرغتم من عباداتكم التى أمرتم بها فى الحجّ (فَاذْكُرُوا اللهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ).
كانت العرب إذا فرغوا من حجّهم ذكروا مآثر آبائهم ومفاخرهم ، فأمرهم الله عزوجل بذكره ، فقال : فاذكرونى فأنا الذى فعلت ذلك بكم ، وبآبائكم ، وأحسنت إليكم وإليهم.
وقوله : (أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً) يعنى : وأشدّ ، أى وأبلغ ممّا تذكرون آباءكم وأتمّ.
وقال السّدىّ : كانت العرب إذا قضت مناسكها ـ أى فرغت من إراقة الدّماء ـ قاموا (١) بمنى ، فيقوم الرّجل فيقول : اللهم إنّ أبى كان عظيم الجفنة ، عظيم القبّة (٢) ، كثير المال ، فأعطنى مثل ما أعطيت أبى (٣) ؛ ليس يذكر الله إنّما يذكر أباه ، ويسأل أن يعطى فى الدّنيا (٤).
وهو قوله : (فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا).
قال ابن عباس : هم المشركون كانوا يسألون المال «والإبل» (٥) والغنم ، وكانوا يقولون : اللهم اسقنا المطر ، وأعطنا على عدوّنا الظّفر ، ولا يسألون حظّا فى الآخرة ، لأنّهم كانوا غير مؤمنين بالآخرة ، وذلك قوله : (وَما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ) أى : حظّ ونصيب (٦).
٢٠١ ـ قوله : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ ...) الآية.
هؤلاء المسلمون يسألون الحظّ فى الدّنيا والآخرة.
قال عطاء عن ابن عباس : لما أمّر رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ أبا بكر على الموسم
__________________
(١) أ : «وأقاموا».
(٢) «الجفنة : كالقصعة ، والجفنة : الرجل الكريم. والقبة : الخيمة» : (اللسان ـ مادة : جفن ، قبب).
(٣) أ : «ما أعطيته».
(٤) كما جاء ـ بنحوه ـ فى (تفسير البحر المحيط ٢ : ١٠٢) و (تفسير القرطبى ٢ : ٤٣١) و (الفخر الرازى ٢ : ١٨٦).
(٥) الإثبات عن أ ، و (الوجيز للواحدى ١ : ٥٣) و (معانى القرآن للفراء ١ : ١٢٢).
(٦) على ما جاء فى (الدر المنثور ١ : ٢٣٢) و (تنوير المقباس ١ : ٩٨) و (الفخر الرازى ٢ : ١٨٨) و (تفسير القرطبى ٢ : ٤٣٢).