وقال قتادة : كانت قريش وكلّ ابن أخت (١) وحليف لهم لا يفيضون مع الناس من عرفات إنّما يفيضون من المغمّس (٢) ، فكانوا يقولون : نحن أهل حرم الله ، فلا نخرج من حرمه ، فأمرهم أن يفيضوا من حيث أفاض / الناس من عرفات (٣).
أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم بن محمد بن محمويه ، أخبرنا عمرو بن مطر ، حدّثنا أحمد بن إسحاق بن بهلول ، حدّثنا أحمد بن سليمان الواسطىّ ، حدّثنا أبو الوليد الطّيالسىّ حدّثنا عبد القاهر بن السّرىّ ، حدّثنى ابن كنانة (٤) بن عباس بن مرداس ، عن جدّه عباس بن مرداس :
أنّ النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ دعا عشيّة عرفة لأمّته بالمغفرة والرحمة ، فأكثر الدّعاء ، فأجابه : قد فعلت إلّا ظلم بعضهم بعضا (٥) ، فأمّا ذنوبهم فيما بينى وبينهم فقد غفرتها. فقال : يا ربّ أنت قادر (٦) على أن تثيب هذا المظلوم خيرا من مظلمته ، وتغفر لهذا الظالم ؛ فلم يجبه تلك العشيّة. فلمّا كان غداة المزدلفة أعاد عليه الدّعاء. فأجابه : أنّى قد غفرت لهم. قال : ثم تبسّم رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فقال له بعض أصحابه : تبسّمت فى ساعة لم تكن تتبسّم فيها؟. فقال : «تبسّمت من عدوّ الله إبليس ، إنّه لمّا علم أنّ الله استجاب لى فى أمّتى ، أهوى (٧) يدعو بالويل والثّبور ، ويحثو التّراب على رأسه» (٨).
__________________
(١) حاشية ج : «يعنى : من ولد من بناتهم اللاتى زوجها قوم من غير قريش».
(٢) أ : «من المزدلفة». و «المغمس : موضع معروف بمكة» (اللسان ـ مادة : غمس).
(٣) كما جاء ـ بنحوه ـ عن قتادة فى (الدر المنثور ١ : ٢٢٧).
(٤) أ : «حدثنا ابن لكانة» وهو خطأ.
(٥) أ : «لبعض».
(٦) أ : «إنك قادر».
(٧) الإهواء : التناول باليد ؛ ومنه حديث عمر : «أهوى بيده فضر به بالدرة» (اللسان ـ مادة : هوى).
(٨) هذا الحديث رواه ابن ماجة فى سننه ، والحكيم الترمذى فى نوادر الأصول ، وعبد الله بن أحمد فى زوائد المسند ، وابن جرير والطبرانى والبيهقى فى سننه والضياء المقدس فى المختارة عن العباس بن مرداس ، بألفاظ مختلفة ، انظر (سنن ابن ماجة ، باب الدعاء بعرفة ٢ : ١٠٠٢ حديث ٣٠١٣) و (الدر المنثور ١ : ٢٣٠) و (تفسير الطبرى ٤ : ١٩٢) و (تفسير ابن كثير ١ : ٣٥٤).