ومعنى (أَفَضْتُمْ) : دفعتم بكثرة (١). يعنى دفع بعضكم (٢) بعضا ، لأنّ الناس إذا انصرفوا مزدحمين دفع بعضهم بعضا. و (عَرَفاتٍ). اسم لبقعة معروفة.
قال عطاء : إنّ جبريل كان يرى إبراهيم المناسك ، فيقول : عرفت عرفت ، فسمّيت عرفات (٣).
وقوله : (فَاذْكُرُوا اللهَ) أى : بالدّعاء والتّلبية (عِنْدَ الْمَشْعَرِ الْحَرامِ) يعنى : المزدلفة ؛ سميت مشعرا ، لأنه معلم للحجّ ، والصلاة والمقام والمبيت به والدعاء عنده من سنن الحجّ (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ) أى : اذكروه ذكرا مثل هدايته إيّاكم ؛ أى : يكون جزاء لهدايته [إيّاكم](٤)(وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ :) وما كنتم من قبل هداه إلّا ضالّين.
وقال سفيان الثّورىّ : (مِنْ قَبْلِهِ) يعنى : من قبل القرآن ؛ ذكر الله منّته (٥) عليهم بالهدى والقرآن (٦).
١٩٩ ـ قوله : (ثُمَّ أَفِيضُوا مِنْ حَيْثُ أَفاضَ النَّاسُ وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ).
ذكرنا معنى «الإفاضة».
وقال عامّة المفسّرين : كانت الحمس (٧) لا يخرجون من الحرم إلى عرفات إنما يقفون بالمزدلفة ، ويقولون : نحن أهل الله وسكّان حرمه ، فلا نخرج من الحرم ، ولسنا كسائر النّاس ؛ فأمرهم الله أن يقفوا بعرفات ، كما يقف سائر النّاس ، حتى تكون الإفاضة معهم منها (٨).
و «الناس» فى هذه الآية : هم العرب كلّها غير الحمس.
__________________
(١) كما فى ((اللسان ـ مادة : فيض) و (الوجيز للواحدى ١ : ٥٢) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٢٥٥) و (الفخر الرازى ٢ : ٥٢).
(٢) أ : «دفع بعضهم».
(٣) كما فى (تفسير ابن كثير ١ : ٣٥١) و (الفخر الرازى ٢ : ١٧٠) و (الكشاف ١ : ٢٥٦).
(٤) ما بين الحاصرتين إضافة عن (الوجيز للواحدى ١ : ٥٣).
(٥) أ : «مشيئته» وهو تحريف.
(٦) على ما فى (تفسير ابن كثير ١ : ٣٥٣) و (الدر المنثور ١ : ٢٢٥) و (البحر المحيط ٢ : ٩٨) و (الفخر الرازى ٢ : ١٨٤) و (تفسير القرطبى ٢ : ٤٢٧).
(٧) الحمس : قريش ، لأنهم كانوا يتشددون فى دينهم وشجاعتهم فلا يطاقون. (اللسان ـ مادة : حمس).
(٨) انظر (الدر المنثور ١ : ٢٢٦ ـ ٢٢٧) و (تفسير ابن كثير ١ : ٣٥٤) و (تفسير القرطبى ٢ : ٤٢٧ ـ ٤٢٨) و (البحر المحيط ٢ : ٩٨ ـ ٩٩) و (صحيح البخارى ٧ : ٣٠ ـ ٣١). و (الكشاف ١ : ٢٥٦) ، و (اللسان ـ مادة : حمس).