نحن متوكّلون ، ثم كانوا يسألون النّاس ـ وربّما ظلموهم وغصبوهم ـ ، فأمرهم الله أن يتزوّدوا ، فقال : (وَتَزَوَّدُوا)(١).
قال سعيد بن جبير : يعنى الكعك والسّويق (٢) ، (فإنّ خير الزّاد التّقوى) يعنى : ما تكفّون به وجوهكم عن السّؤال ، وأنفسكم عن الظّلم ، فهذا نوع تقوى ، ([وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ]).
١٩٨ ـ قوله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ).
قال أبو أمامة التّيمىّ : سألت ابن عمر فقلت : إنّا قوم نكرى فى هذا الوجه (٣) ، وإنّ قوما يزعمون أنّه (٤) لا حجّ لنا. قال : ألستم تلبّون ، ألستم تطوفون ، ألستم ألستم؟ قلت : بلى ، قال : إن رجلا سأل النبىّ ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عمّا سألت عنه ، فلم يدر ما يردّ عليه حتّى نزلت : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ)(٥).
وقال ابن عباس : كانت عكاظ ومجنّة وذو المجاز أسواقا فى الجاهلية ، فلمّا كان الإسلام كأنّهم تأثّموا أن يتّجروا فى الحجّ ، فسألوا رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ ، فأنزل الله تعالى : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَبْتَغُوا فَضْلاً مِنْ رَبِّكُمْ) فى مواسم الحجّ (٦). وكذلك كان يقرؤها ابن عباس (٧) ..
قوله : (فَإِذا أَفَضْتُمْ مِنْ عَرَفاتٍ) معنى «الإفاضة» فى اللّغة : دفع الشّىء حتّى يتفرّق.
__________________
(١) انظر (تفسير القرطبى ٢ : ٤١١) و (البحر المحيط ٢ : ٢٩٢) و (الفخر الرازى ٢ : ١٧٧) و (تفسير ابن كثير ١ : ٣٤٨) و (الدر المنثور ١ : ٢٢٠ ـ ٢٢١).
(٢) المصادر السابقة.
(٣) حاشية ج : «أى نؤجر الدابة فى التوجه إلى الكعبة».
(٤) أ : «أنه بالحج لا حج لنا».
(٥) تمامه : «فدعاه فتلا عليه حين نزلت ؛ فقال : أنتم الحجاج» ، كما فى (الدر المنثور ١ : ٢٢٢) و (صحيح البخارى ٢ : ١٨١ ، ٣ : ٥٢ ، ٦٢ ، ٦ : ٢٧) و (المستدرك ٢ : ٧٧) و (تفسير الطبرى ٤ : ١٦٤ ، ١٦٩) و (أسباب النزول للواحدى ٥٥) و (تفسير ابن كثير ١ : ٣٤٩ ، ٣٥٠) و (الكشاف ١ : ٢٥٥) ،
(٦) كما فى (تفسير الطبرى ٤ : ١٦٥) و (أسباب النزول للواحدى ٥٦) و (صحيح البخارى ٧ : ٣٠) و (تفسير ابن كثير ١ : ٣٤٩) و (البحر المحيط ٢ : ٩٤) و (تفسير القرطبى ١٢ : ٤١٣).
(٧) كما فى (تفسير الكشاف ١ : ٢٥٥) وفى (البحر المحيط ٢ : ٩٤) «وقرأ ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير : «فضلا من ربكم فى مواسم الحج» وجعل هذا تفسيرا ؛ لأنه مخالف لسواد المصحف الذى أجمعت عليه الأمة».