يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) أى : لمن كان من الغرباء (١) من غير أهل مكّة.
قال الفراء : واللام فى قوله : «لمن» معناها : على (٢). وذكر الله تعالى حضور الأهل والمراد به : حضور المحرم ، ولكنّ الغالب على الرجل أن يسكن حيث أهله ساكنون. وكلّ من كانت داره على مسافة لا يقصر إليها الصّلاة من (٣) مكّة ؛ فهو من حاضرى المسجد الحرام ، لأنّه يقرب من مكّة.
قوله : (وَاتَّقُوا اللهَ) قال ابن عباس : يريد فيما افترضه عليكم. (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن تهاون بحدوده.
١٩٧ ـ وقوله تعالى : (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ).
تقدير الآية : أشهر الحجّ أشهر معلومات ؛ وهنّ شوّال ، وذو القعدة ، وعشر من ذى الحجّة (٤).
قال ابن عباس : جعلهنّ الله سبحانه للحجّ ، فلا يصلح لأحد أن يحرم بالحجّ إلّا فى أشهر الحجّ ، فإن أحرم فى غير أشهر الحجّ انعقد إحرامه عمرة.
وسمّى الله تعالى شهرين وبعض الثّالث : أشهرا ؛ لأنّ العرب توقع لفظ الجمع على الاثنين ، كقوله تعالى : (أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ)(٥) يعنى : عائشة وصفوان ، وقال : (وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ)(٦) يعنى : داود وسليمان ، وقال / : (فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما)(٧) ؛ وقال الشّاعر :
ظهراهما مثل ظهور التّرسين (٨)
__________________
(١) أ : «من الغرباء غير». انظر (معانى القرآن للفراء ١ : ١١٨).
(٢) كما فى (معانى القرآن للفراء ١ : ١١٨).
(٣) أ : «عن مكة».
(٤) كما قال ابن عباس والسدى والشعبى والنخعى (تفسير القرطبى ٢ : ٤٠٥) و (البحر المحيط ٢ : ٨٥) وانظر (معانى القرآن للفراء ١ : ١١٩) و (اللسان ـ مادة : شهر) و (الكشاف للزمخشرى ١ : ٢٥٤).
(٥) سورة النور : ٢٦.
(٦) سورة الأنبياء : ٧٨.
(٧) سورة التحريم : ٤. انظر (تفسير الكشاف ١ : ٢٥٤).
(٨) هذا عجز بيت لخطام المجاشعى ، كما فى (الكتاب ١ : ٢٤١ ، ٢ : ٢٠٢) و (اللسان ـ مادة : مرت) و (إعراب القرآن المنسوب للزجاج ق : ٣ : ٧٨٧) وصدره :
ومهمهين قذفين مرتين