وموضع (لا رَيْبَ) رفع بالابتداء عند سيبويه ، لأنّه بمنزلة «خمسة عشر» إذا ابتدأت به ؛ ولهذا (١) جاز العطف عليه بالرفع فى قول الشّاعر :
* لا أمّ لى إن كان ذاك ولا أب (٢) *
وموضع (فِيهِ) رفع لأنّه خبر الابتداء الذى هو (لا رَيْبَ).
فإن قيل : كيف قال : (لا رَيْبَ فِيهِ) وقد ارتاب به المرتابون؟
قيل : معناه : إنّه حقّ فى نفسه وصدق ، وإن ارتاب به المبطلون ، كما قال الشّاعر (٣) :
ليس فى الحقّ يا أمامة ريب |
|
إنّما الرّيب ما يقول الكذوب |
فنفى الرّيب عن الحقّ (٤) وإن كان المتقاصر (٥) فى العلم يرتاب.
ويجوز أن يكون خبرا فى معنى النهى ، ومعناه : لا ترتابوا ؛ كقوله تعالى : (فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِ)(٦) والمعنى : لا ترفثوا ولا تفسقوا ولا تجادلوا.
قوله تعالى : (هُدىً لِلْمُتَّقِينَ)
معنى «الهدى» : البيان ، لأنّه قوبل به الضّلالة فى قوله تعالى : (وَاذْكُرُوهُ كَما هَداكُمْ وَإِنْ كُنْتُمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الضَّالِّينَ)(٧) أى : من قبل هداه.
__________________
(١) حاشية ج : «أى : ولأجل «لا» مع ما بعدها بمنزلة شىء واحد».
(٢) صدر هذا البيت : هذا وجدكم الصغار بعينه ..
وهو فى (الكتاب ١ : ٣٥٢) و (العينى على هامش الخزانة ٢ : ٢٣٩) و (معانى القرآن للفراء ١ : ١٢١) و (القرطبى ١ : ١٢١) وقائل هذا البيت رجل من مذحج. وقيل : فى نسبته غير ذلك. حاشية ج : «قوله : «لا أم» محله الرفع ، لأنه بمنزلة كلمة واحدة ولأجل هذا جاز الرفع».
(٣) هو عبد الله بن الزبعرى ، والبيت فى (تفسير القرطبى ١ : ١٥٩) و (البحر المحيط ١ : ٣٣) و (والإتقان ١ : ١٦٤) برواية «ما يقول الجهول».
(٤) حاشية ج : «هذا تحقيق قوله : لا ريب فيه».
(٥) ب : «وإن كان الأمر المتقاصر».
(٦) سورة البقرة : ١٩٧.
(٧) سورة البقرة : ١٩٨.