ثَقِيلاً)(١) كان واثقا بوعد الله إيّاه ، فلما أنزل الله تعالى عليه : (الم. ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ) دلّه على الوعد المتقدّم.
وقال الزّجّاج : القرآن ذلك الكتاب الذى وعدوا به على لسان موسى وعيسى عليهماالسلام ، فجعل (الم) بمعنى القرآن ؛ لأنّه من القرآن.
و (الْكِتابُ) مصدر كتبت ، ويسمّى المكتوب كتابا ، كما يسمّى المخلوق خلقا ، والمفعول يسمّى بالمصدر. يقال : هذا درهم ضرب الأمير ؛ أى مضروبه ، وهذا الثّوب نسج اليمن ؛ أى منسوجه.
وأصل الكتب» فى اللغة : الجمع والضمّ ، يقال كتبت البغلة ؛ إذا ضممت بين شفريها بحلقة (٢) ، وكتبت السّقاء : إذا خرزته. والكتب : الخروز ، واحدتها كتبة (٣). والكتابة : جمع حرف إلى حرف.
والمراد ب (الْكِتابُ) ـ هاهنا ـ : القرآن فى قول جميع المفسّرين.
قوله تعالى : (لا رَيْبَ فِيهِ)
«الرّيب» : الشّكّ ، قال أبو زيد : يقال : رابنى من فلان أمر رأيته منه ريبا ؛ إذا كنت مستيقنا منه بالرّيبة ؛ فإذا أسأت به الظنّ ولم تستيقن بالرّيبة منه ، قلت : قد أرابنى من فلان أمر هو فيه ؛ إذا ظننته من غير أن تستيقنه.
قال سيبويه : «لا» تعمل فيما بعدها فتنصبه ، ونصبها (٤) لما بعدها كنصب «إن» ، إلّا أنّها تنصب بغير تنوين ؛ وإنما شبّه (٥) «لا» ب «إنّ» ، لأن «إنّ» للتحقيق (٦) فى الإثبات ، و «لا» فى النّفى ، فلمّا كان «لا» تقتضى تحقيق النّفى كما تقتضى «إنّ» تحقيق الإثبات أجرى مجراه. وهى مع ما بعدها بمنزلة شىء واحد.
__________________
(١) سورة المزمل : ٥.
(٢) فى (اللسان ـ مادة : كتب) إذا جمعت بين شفرى رحمها بحلقة أو سير».
(٣) قال ابن سيده : الكتبة ـ بضم الكاف ـ : الخرزة التى ضم السير كلا وجهيها. وقال اللحيانى : الكتبة : السير الذى تخرز به المزادة والقربة. والجمع : كتب ـ بفتح الكاف ـ (اللسان ـ مادة : كتب).
(٤) أ : «ونصبه».
(٥) أ ، ب : «شبهت».
(٦) ب : «لتحقيق».