قال المفسّرون : كان الرجل يخرج من المسجد وهو معتكف ، فيجامع أهله ثم يعود (١) ، فنهوا عن ذلك ما داموا معتكفين ؛ فالجماع يفسد الاعتكاف (٢).
وقوله : (تِلْكَ حُدُودُ اللهِ) أشار إلى الأحكام التى ذكرها فى هذه الآية.
و (حُدُودُ اللهِ) : ما منع الله من مخالفتها. ومعنى «الحدّ» فى اللّغة : المنع. ومنه يقال للبوّاب : حدّاد ، لمنعه الناس من الدّخول إلّا بالإذن (٣).
وقوله : (فَلا تَقْرَبُوها) أى : لا تأتوها (٤)(كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ آياتِهِ لِلنَّاسِ) أى : مثل هذا البيان الذى ذكر (لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ :) لكى يتّقوا ما حرّم الله ، ومنع منه.
١٨٨ ـ وقوله : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ).
أى : لا يأكل بعضكم (٥) مال بعض بالباطل. قال ابن عباس : يعنى باليمين الباطلة الكاذبة ، يقتطع الرجل بها مال أخيه المسلم.
والأكل بالباطل على وجهين : أحدهما : أن يكون على جهة الظّلم ، من نحو : الغصب ، والخيانة ، والسّرقة ، والثّانى ؛ على جهة الهزء واللّعب ، كالذى يؤخذ (٦) فى القمار ، والملاهى ونحو ذلك.
__________________
(١) حاشية ج : «بعد الاغتسال ولا يلزم جواز المباشرة فى المساجد فى غير الاعتكاف لأن ذلك ممنوع فى غير الاعتكاف.
(٢) حاشية ج : «وحرام على المعتكف ـ نزلت الآية فى قوم من أصحاب النبى صلىاللهعليهوسلم كانوا يعتكفون فى المساجد ، فإذا عرضت للرجل حاجة إلى إتيانها خرج إليها فجامعها ، فرجع إلى المسجد ، فنهوا عن ذلك» وانظر (تفسير ابن كثير ١ : ٣٢٤).
(٣) أ : «إلا بإذن».
(٤) حاشية ج : «اعلم أن تفسيره قوله تعالى : (فَلا تَقْرَبُوها) بقوله : «لا تؤتوها» ـ بعد تفسيره (حُدُودُ اللهِ) بقوله : «ما منع الله من مخالفتها» مشكل. فليتأمل : ما منع الله من مخالفتها شامل للواجب ، فكيف يصح أن يقال : لا تأتوا الواجب؟ ووجهه أن يقول : معنى «ما منع الله» : ما منعه الله ، أى : أمر بتركها ، ونهى عن الإتيان بها. وقوله : «من مخالفتها» متعلق بمحذوف ، أى : التى منع منه هو مخالفتها ، أى : مخالفة المذكورات ، فإن مخالفة النهى : هى إتيان المنهى ، ومخالفة الأمر : ترك المأمور به ، فالحد بمعنى المحدود ، أى : الممنوع».
(٥) أ : «لا يأكل أحد منكم».
(٦) أ : «كالذى يفز».