حتى فرغ من الآية. فقال : ليس عن البرّ سألتك ، إنّما سألتك عن الإيمان. فقال ، ادن منّى. فدنا منه فقال :
سأل رجل رسول الله ـ صلىاللهعليهوسلم ـ عن مثل الذى سألتنى ، فقرأ عليه مثل الذى قرأت عليك ، فأبى أن يرضى كما أبيت أن ترضى. فقال : «ادن» ودنا منه.
فقال : «المؤمن إذا عمل حسنة سرّته ورجا ثوابها ، وإذا عمل سيّئة ساءته وخاف عقابها (١)» (٢).
١٧٨ ـ قوله عزوجل : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى) «كُتِبَ» ـ هاهنا ـ بمعنى : فرض وأوجب ، كقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ)(٣). و (الْقِصاصُ) ـ فعال ـ من المقاصّة. يقال : قاصصته مقاصّة وقصاصا ؛ إذا أقدته (٤) من أخيه.
وقال الليث : القصاص والتقاصّ فى الجراحات والحقوق : شىء بشيء.
وقوله : (الْحُرُّ بِالْحُرِّ [وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى]).
قال المفسّرون : نزلت «هذه» (٥) الآية فى حيّين (٦) من العرب كان لأحدهما طول (٧) على الآخر ؛ فكانوا يتزوّجون نساءهم بغير مهور ، فقتل الأوضع منهما (٨) من الشّريف قتلى ، فحلف الشّريف ليقتلنّ الحرّ بالعبد ، والذّكر بالأنثى ، وليضاعفنّ الجراح ؛ فأنزل الله هذه الآية (٩).
يعلم (١٠) أنّ الحرّ المسلم كفؤ للحرّ المسلم ، وكذلك العبد للعبد ، والذّكر للذّكر ، والأنثى للأنثى.
__________________
(١) ب : «فقتل الأوضع منهم».
(٢) هذا الحديث رواه اسحاق بن راهوية فى مسنده ، وعبد بن حميد ، وابن مردويه ، عن القاسم بن عبد الرحمن ، عن أبى ذر ، بألفاظ مختلفة. (الدر المنثور ١ : ١٦٩) و (تفسير ابن كثير ١ : ٢٩٦).
(٣) سورة البقرة : ١٨٣.
(٤) «القصاص : القود ؛ وهو القتل بالقتل ، أو الجرح بالجرح» (اللسان ـ مادة : قصص).
(٥) الإثبات عن ب.
(٦) قال جبير : هما الأوس والخزرج. وقال مقاتل بن حيان : هما قريظة والنضير» (البحر المحيط ٢ : ٩).
(٧) أى : فضل وزيادة : (اللسان ـ مادة : طول).
(٨) ب : «فقتل الأوضع منهم».
(٩) على ما جاء فى (أسباب النزول للواحدى ٤٤). و (تفسير الطبرى ٣ : ٣٥٩). و (معانى القرآن للفراء ١ : ١٠٨ ـ ١٠٩).
(١٠) ب : «ليعلم».